ويؤكد الأستاذ محمد قطب، كلام صاحب الظلال، عن قسمي السورة، فيقول:" القسم الأول من السورة يستغرقه الحديث عن بني إسرائيل، ومن أهم دواعي ذلك سببان رئيسيان؛ أولهما: أن بني إسرائيل هم الأمة التي قامت حياتها على كتاب منزل من عند الله، ثم ظلوا يبتعدون عن كتابهم تدريجياً، حتى خرجوا منه خروجاً كاملاً في النهاية. والمسلمون في بدء إقامة دولتهم ومجتمعهم على أساس من الكتاب المنزل، يوجَّهون ألا يفعلوا(١)ما فعله بنو إسرائيل من قبل، بل يتمسكوا بكتابهم ويحافظوا(٢)عليه لكيلا يحل عليهم غضب الله الذي حل ببني إسرائيل.
" أما السبب الآخر فهو الكيد المستمر من اليهود للدولة الإسلامية الناشئة، ومحاولة تقويضها قبل أن تتمكن في الأرض، بدافع حسدهم لهذه الأمة المهتدية والتواء طبيعتهم عن الاهتداء، كما في قوله سبحانه: ﴿ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ﴾ البقرة : ١٠٥، وقوله: ژ ک ک ک ک گ گ گ گ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ں ں ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ہ ہ ہ ہھ ھ ھ ھ ے ے ؟ ؟ ژ.
فكان القرآن يعرِّف المسلمين بتاريخ بني إسرائيل الماضي كله ليعرفوا عدوهم على حقيقته ليتوقعوا منه الشر الدائم فيحذروه، ولكيلا يقوم بينهم وبينه أي لون من ألوان الولاء، إذ كان المنافقون وعلى رأسهم عبد الله بن أبي يتخذون من اليهود أنصاراً وأولياء يلقون إليهم بالمودة.
" أما القسم الثاني من السورة فهو موجه إلى المؤمنين : ينظم حياتهم الجديدة بالتنظيمات والتشريعات اللازمة، ويرد على تساؤلاتهم في حياتهم الجديدة، ويحدد موقفهم من العدو الثاني؛ وهو المشركون الذين كانوا قد أخذوا في مناوأة الدولة الجديدة، ويضع بصفة عامة قواعد الدولة الجديدة، والمجتمع الجديد"(٣).

(١) …في المطبوع :" يوجِّهون ألا يفعلون".
(٢) …في المطبوع " يتمسكون.. ويحافظون".
(٣) قطب، محمد، دراسات قرآنية، ( ص ٢٨٧، ٢٨٨).


الصفحة التالية
Icon