وقال في تفسير (المنار):" من نظر في ترتيب السور كلها في المصحف يرى أنه قد روعي في ترتيبها الطول والتوسط والقصر في الجملة، ومن حكمته أن في ذلك عوناً على تلاوته وحفظه؛ فالناس يبدأون بقراءته من أوله فيكون الانتقال من السبع الطوال(١) إلى المئين(٢) فالمثاني(٣) فالمفصل(٤)، أنفى للملل وأدعى إلى النشاط، ويبدأون بحفظه من آخره لأن ذلك سهل على الأطفال، ولكنّ في كل قسم من الطوال والمئين والمفصل تقديماً لسورة قصيرة على سورة أطول منها، ومن حكمة ذلك أنه قد روعي التناسب في معاني السور مع التناسب في الصور؛ أي مقدار الطول والقصر"(٥).
المطلب الثاني: البقرة أم ثانية للقرآن الكريم
بنى الأستاذ سعيد حوى تفسيره (الأساس في التفسير)، على قاعدة الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم جميعه، وليس فقط الوحدة الموضوعية لكل سورة على حدة، انطلاقا من أن سور القرآن جميعها تُفصّل سورة البقرة، كما سيأتي بعد أسطر قليلة.
وللحقيقة فإن فكرة الوحدة الموضوعية للقرآن، وفكرة مركزية سورة البقرة بالنسبة لباقي المصحف قد أشار إليهما غير واحد من العلماء، وإن كان يحسب لصاحب (الأساس) أنه أثبت الفكرة وفصلها، وأطال الحديث وكرره عنها خلال تفسيره.
(٢) …المئون: السور السور التي تلي السبع الطوال، وهي من أول الأنفال إلى نهاية السجدة، ما عدا سورة يونس لأنها من السبع الطوال، [ الجرمي، ص ٢٣٨].
(٣) …المثاني: السور التي تلي المئين، من أول الأحزاب إلى أول سورة ق، [ الجرمي، ص٢٤٣].
(٤) …المفصل: السور التي تلي المثاني، وهي من أول سورة ق إلى سورة الناس، [ الجرمي، ص ٢٧٢].
(٥) …رضا، تفسير القرآن الحكيم/ المنار، (٧/ ٢٨٧-٢٨٩).