فقد أكد السيوطي أن:"القاعدة التي استقر بها القرآن: أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له وإطناب لإيجازه. وقد استقر معي ذلك في غالب سور القرآن طويلها وقصيرها، وسورة البقرة قد اشتملت على تفصيل جميع مجملات الفاتحة"(١).
والذي يهمنا من قول السيوطي هذا أنه إذا كانت سورة البقرة مفصلة لسورة الفاتحة، التي هي أم القرآن، فإن البقرة بهذا المعنى هي أم ثانية للقرآن، مع فارق أن الفاتحة مجملة وأن البقرة مفصلة.
وفي تناسق الدرر يتحدث السيوطي عن أربع سور بدءاً من آل عمران(٢) تفصل في سورة البقرة، فالنساء، ثم المائدة والأنعام(٣)؛ ما يعزز فكرة تفصيل ما بعد سورة البقرة لها.
و قال البقاعي في ختام تفسيره لسورة البقرة " إن بداية هذه السورة هداية وخاتمتها خلافة، فاستوفت تبيين أمر النبوة إلى حد ظهور الخلافة فكانت سناماً للقرآن، وكان جماع ما في القرآن منضماً إلى معانيها إما لما صرحت به أو لما ألاحته وأفهمه إفصاح من إفصاحها، كما تنضم هي مع سائر القرآن إلى سورة الفاتحة فتكون أمّاً للجميع"(٤).
فكلامه واضح في أن جِماع ما في القرآن منضم إلى معاني سورة البقرة، وأنها تنضم مع سائر القرآن للفاتحة فتكون أماً للجميع، والضمير هنا عائد - كما أفهمه- للبقرة لا للفاتحة؛ لما سبق من قوله في انضمام جماع ما في القرآن إلى البقرة، ولأن كون الفاتحة أماً للقرآن ليس بحاجة إلى تدليل، وليس هذا مكان ذكره.
(٢) …سبق الحديث عنه في مبحث التناسب بين البقرة وآل عمران.
(٣) …السيوطي، تناسق الدرر في تناسب السور، (ص٧٥، ٨٠، ٨٥).
(٤) …البقاعي، نظم الدرر، (١/٥٦٠- ٥٦١).