أن الفخر الرازي هو أبرز من فتح الباب واسعاً لفهم النظم القرآني، ولم يقارب جهوده أحد حتى جاء البقاعي واستوعب ما قيل قبله، وكان عمله في نظم الدرر هو الأوسع والأشمل؛ حيث تحدث عن النظم بدءاً من أجزاء الآية الواحدة وصولاً إلى الحديث عن التناسب في القرآن الكريم جميعه بوصفه كتاباً واحداً، مروراً بالتناسب بين الآيات ثم التناسب بين أجزاء السورة، فالتناسب بين السور.
أكدت الدراسة توقيفية ترتيب آيات القرآن الكريم وسوره، بعدما كانت انطلقت منها ابتداء.
عزز البحث حقيقة الوحدة الموضوعية في سورة البقرة، من خلال تناسب خاتمتها مع بدايتها، واسمها مع محورها، والتناسب في قصصها، وكذا تناسب فواصلها، وتميزها بمفردات خاصة بها.
أن الموضوع الرئيس لسورة البقرة هو كتاب التكليف بالخلافة، وهو الأمر الذي أُسكن لأجله آدم - ﷺ - وبنوه الأرض، وهو ضمن الوسع، وقد حمل الراية زمناً إبراهيم عليه السلام والصالحون من ذريته من نسل إسحق ويعقوب عليهم السلام، ثم توقفت الإمامة فيهم، بل ولم يعودوا يصلحون لمجرد الطاعة والاتباع لمحمد- ﷺ -، وقصة البقرة تدل على ذلك، وتدل على البعث الذي فيه يحاسب الناس على قيامهم بالتكليف أو تقصيرهم فيه، والإيمان بل الإيقان به مهم جداً للقيام بحق الخلافة.
عزز البحث ما ذكره العلماء من التناسب بين سورة البقرة وكل من سورة الفاتحة، وآل عمران، والفلق، ومجموعة ( الم)، بل وسائر السور القرآنية، وبالتالي مركزية السورة بالنسبة لباقي المصحف؛ كونها في أوله وكونها بعد الفاتحة، ما يؤكد اعتبارها أماً ثانية للقرآن الكريم بعد الفاتحة.