تكلم الشيخ رحمه الله –هنا- عن ضرورة فهم كتاب الله، والإنسان إذا كان ممتحَناً في نظرية لعالمٍ فيزيائي أو كيميائي لأتعب نفسه في فهم مراده ليجتاز هذا الامتحان، فكيف بكلام رب العالمين الذي لا نجاة للعبد إلا في اتباعه؟! ولهذا فلا شكّ أن الحاجة ماسة لفهمه.
وهذه الجمل التي أتى بها الشيخ رحمه الله تضمنت نعت القرآن الكريم ووصفَه.. وقد جاءت في خبر مرفوعٍ وموقوف، المرفوع أي ما أُسند إلى رسول الله - ﷺ -، والموقوف ما أُسند إلى الصحابي. ولكنّ الصحيح أنّه موقوف على علي - رضي الله عنه -. كما قرره شيخ الإسلام وابن كثير وغيرُهما من أهل العلم.
فهو حبل الله ؛ لأنه موصل إلى الله تعالى. والمتين: القوي، فلا وسيلة تعرف العبد بربه أقوى من القرآن الكريم.
وهو الذكر الحكيم، كما قال تعالى –في آل عمران- :﴿ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴾، فهو ذكر لأنه مذكِّرٌ، وفيه الذكرى، ومن تمسك به رُفع ذكرُه وشُرِّف به كما قال ربنا :﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِك ﴾، وقال :﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾. وهو حكيم : محكمٌ لفظه، متضمن للحكمة في أحكامه.
وهو الصراط المستقيم : والصراط الطريق، والمستقيم الذي لا ميلَ فيه. ولتعلم أيها المسلم الكريم أنّ لله صراطين، صراطاً في الدنيا وهو القرآن، وصراطاً في الآخرة ينصب على متن جهنم، فمن حسن سيره على صراط الدنيا اجتاز صراط الآخرة.
الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ : لا تميل به أهواء الناس فهو ثابت مهما عظمت أهواء الناس.
وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسُنُ : لا تخلتط به الألسن، ولذا تجد بعض الأعاجم ممن لا يحسن أن يتكلم بالعربية يجيد قراءة القرآن الكريم قراءةً مجودةً متقنةً، كما أنه لا يمكن أن يُترجم القرآن الكريم ترجمةً حرفيةً أبداً.