ولعل هذا يوضح بعض الأمور، فمثلاً : الشائع عند العلماء أن سورة ( الكوثر ) مكية، حتى إنه في آخرها أشار إلى الوليد بن عقبة بقوله :(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (الكوثر: ٣)، من كفار قريش، الشائع عندهم أنها مكية، فإن ثبت سند بذلك فهي مكية، قال القرطبي :" سورة الكوثر، وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل". لكن في صحيح مسلم عَنْ أنس بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾، وأنس بن مالك كان في المدينة، إذاً هذه السورة على هذا الحديث في صحيح مسلم تكون مدنية، فإذا قام دليل صحيح صريح أن السورة مكية ؛ عندها نجمع بين هذين القولين : بتكرار النزول.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة (٥)الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، المستمعون الأكارم في كل مكان.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت إذا شئت تجعل الحَزْن سهلاً.
هذه هي الحلقة الخامسة من شرح مقدمة أصول التفسير، أبدأ حديثي سائلاً الله تعالى أن يجعل هذه المجالس مجالس خير وبركة ونفع.
سبق الكلام عن خلاف السلف في التفسير، وكان الحديث عن اختلاف التنوع، وذكر له الشيخ صنفين بقوله: