ولهذا فالمفسرون يريدون تقريب المعنى لأنهم لن يجدوا كلمة ترادف الكلمة التي يريدون توضيحها وتفسيرها من كل وجه، فيعبر زيد بكلمة يرى عمرو أنّ غيرَها أفضلُ منها فيُظنُّ أنهما اختلفا، والواقع بخلافه. لم يختلفا وإنما عبّر كلٌّ منهما بكلمة لتقريب المعنى. هذا هو معنى كلام الشيخ رحمه الله.
ثم ذكر الشيخ رحمه الله بعض النماذج التي تدل على ما سبق، أي أنّ المفسرين لا يمكنهم الإتيان بألفاظ مرادفة لما في القرآن وإنما هو تقريب للمعنى..
المثال الأول : قوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ﴾. لو قال قائل: المور الحركة، فهذا تقريب للمعنى لأن المَوْرَ حركة خفيفة سريعة. فأين الكلمة الواحدة التي تجمع بين كل هذه المعاني سوى (المور)؟ سبحان الله! فهذا من الإعجاز في كتاب ربنا سبحانه..
المثال الثاني : قوله تعالى :﴿ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ ﴾. قال المفسرون : الوحي : الإعلام. وهذا تقريب للمعنى؛ فالوحي إعلام سريع خفي.
المثال الثالث : قوله :﴿ وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرائِيلَ ﴾. قالوا: قضينا هنا : أعلمنا. ومنهم من قال : أنزلنا. والمعنى : أوحى إليهم وأعلمهم وأنزل إليهم وأوجب عليهم. فهذا تقريب منهم للمعنى، وأين الكلمة التي تتناول بين ثناياها كلَّ هذه المعاني؟
ثم انتقل الشيخ إلى مسألة يحتاج إليها كلُّ من رام تفسير كتاب الله فقال :
وَالْعَرَبُ تُضَمِّنُ الْفِعْلَ مَعْنَى الْفِعْلِ وَتُعَدِّيهِ تَعْدِيَتَهُ وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ جَعَلَ بَعْضَ الْحُرُوفِ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضٍ
هذا ما يُسمّى بالتضمين.
من المهم في التفسير أن نعلم أننا إذا وجدنا فعلاً تعدى بغير الحرف الذي يتعدى به فلا نقول إن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض هذا مشهور بين الناس، وهو رأي لبعض النحاة من أهل الكوفة، والصواب ما عليه البصريون، أنّ الفعل ضُمِّنَ معنى فعل آخر.


الصفحة التالية
Icon