فالنظام – إذن - يرى : أن الله قد صرف أوهام العرب عن معارضة القرآن، أوعن القدرة على الإتيان بمثله، فانصرفوا عن ذلك، وتعذرت عليهم المعارضة، لا لأن القرآن في حد ذاته خارج عن طوق البشر، أو خارقا لمقدرتهم، ومألوف عادتهم، فهو في ذلك لا يتفوق على البليغ الفصيح من كلام العرب، ولا تكاد تكون له مزية أو فضل في ذلك، ولو ترك لهم المجال، وأفسح أمامهم الطريق، لأتوا بمثل القرآن فصاحة، وبلاغة، وحسن نظم وتأليف. وقد تابع - النظام- على رأيه هذا نفر من المعتزلة، منهم : عيسى بن صبح المكنى بأبي موسى المردار (١)، الذي نسب إليه القول بأن :(الناس قادرون على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وبما هو أفصح منه.) (٢)، وعباد بن سليمان (٣)، وهشام الفوطي (٤) وأبي اسحق النصيبي (٥) وغيرهم. ولهذه الآراء الشاذة، والمعتقدات الباطلة، نص كثير من العلماء، – -- ومن المعتزلة أنفسهم -، على تكفير النظام، وفرقته.
(٢) - البغدادي : الفرق بين الفرق - ص١٥٤. وانظر د. عمر السلامي : الإعجاز الفني في القرآن، ص ٥٢-٦٥.
(٣) - عباد بن سليمان الصخري : معتزلي من أهل البصرة من تلاميذ هشام بن عمروالفوطي كان معتزليا ثم تحول إلى مذهب الزنادقة. ابن النديم : الفهرست: ص٢٦٩، ٢٨٠.
(٤) - هشام بن عمرو الفوطي :-بصري المذهب، عده القاضي في نهايةالطبقة السادسة من المعتزلة، وكان يحظى باحترام المأمون. القاضي المعتزلي : طبقات المعتزلة ص٦٩.
(٥) - أبو اسحق النصيبي :- من الطبقة الحادية عشرة من المعتزلة، وكان يشك في النبوات كلها. أبو حيان التوحيدي: الامتاع والمؤانسة - ج١/ ص١٤١.