أما أبو اسحاق الاسفراييني(ابراهيم بن محمد بن ابراهيم ت ٤١٨هـ) فقد عدها وجها من وجوه الإعجاز، قال في شرح المواقف - أثناء حديثه عن وجوه إعجاز القرآن - :( وقيل : إعجازه بالصرفة، على معنى أن العرب كانت قادرة على كلام مثل القرآن قبل البعثة، لكن الله صرفهم عن معارضته، واختلف في كيفية الصرف، (فقال الأستاذ) أبو اسحاق منا، (والنظام ) من المعتزلة، ( صرفهم الله عنها مع قدرتهم ) عليها، وذلك بأن صرف دواعيهم إليها، مع كونهم مجبولين عليها، خصوصا عند توفر الأسباب الداعية في حقهم، كالتقريع بالعجز، والاستنزال عن الرياسات، والتكليف بالانقياد، فهذا الصرف خارق للعادة، فيكون معجزا.) (١)
وعدها الراغب الأصفهاني ( الحسين بن محمد ت ٤٢٥هـ ) كذلك وجها من وجوه الإعجاز، فقال :-(اعلم أن إعجاز القرآن ذكر من وجهين، أحدهما : إعجاز يتعلق بنفسه، والثاني : بصرف الناس عن معارضته، إلى أن يقول : فلما دعا الله أهل البلاغة والخطابة، الذين يهيمون في كل واد من المعاني - بسلاطة لسانهم - إلى معارضة القرآن، وعجزوا عن الإتيان بمثله، ولم يقصدوا لمعارضته، فلم يخف على ذوي البلاغة أن صارفا إلهيا صرفهم عن ذلك، وأي إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزوا في الظاهر عن معارضة مصروفة في الباطن عنها. ) (٢)
(٢) - السيوطي : معترك الأقران في إعجاز القرآن، ج١/ ص ٥-٦. والإتقان في علوم القرآن ج٤/ ص١٠-١٢. والراغب الأصفهاني :: مفردات ألفاظ القرآن، ص٧-١٥.