وقال في تفسيره النكت والعيون :- ( فأما إعجاز القرآن الذي عجزت به العرب عن الإتيان بمثله، فقد اختلف العلماء فيه على ثمانية أوجه، إلى أن يقول : والثامن : أن إعجازه هو الصرفة، وهو أن الله تعالى صرف هممهم عن معارضته، مع تحديهم أن يأتوا بسورة من مثله، فلم تحركهم أنفة التحدي، فصبروا على نقص العجز، فلم يعارضوه، وهم فصحاء العرب، مع توفر دواعيهم على إبطاله، وبذل نفوسهم في قتاله، فصار بذلك معجزا لخروجه عن العادة كخروج سائر المعجزات عنها. واختلف من قال بهذه الصرفة على وجهين :
أحدهما : أنهم صرفوا عن القدرة عليه، ولو تعرضوا لعجزوا عنه.
والثاني :-أنهم صرفوا عن التعرض له، مع كونه في قدرتهم، ولو تعرضوا له لجاز أن يقدروا عليه. فهذه ثمانية أوجه، يصح أن يكون كل واحد منها إعجازا، فإذا جمعها القرآن، وليس اختصاص أحدها بأن يكون معجزا بأولى من غيره، صار إعجازه من الأوجه الثمانية، فكان أبلغ في الإعجاز، وأبدع في الفصاحة والإيجاز ) (١)
ومن القائلين بالصرفة ابن حزم الظاهري ( علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي ت ٤٥٦هـ ) :- ومما قاله في الفصل في الملل والأهواء والنحل :-