وقال بها كذلك : إمام الحرمين( أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني ت٤٧٨هـ)، فبعد أن قرر في كتابه –الإرشاد (١) -أن وجه الإعجاز في القرآن هو ( اجتماع الجزالة مع الأسلوب، والنظم المخالف لأساليب كلام العرب، فلا يستقل النظم بالإعجاز على التجريد، ولا تستقل الجزالة أيضا، ثم الإخبارعن الغيوب الماضية والمستقبلية)، يتراجع في(العقيدة النظامية ) (٢) ويناقض رأيه معلنا : أن وجه الإعجاز هو : الصرفة فقال :(وقد أكثر الناس في وجه إعجاز القرآن، وتقطعوا فيه أيادي سبأ، وصار معظم الناس إلى أن القرآن تميز على صنوف الكلام بمزية البلاغة والجزالة، خارج عن المعتاد في ذلك، ثم زعم زاعمون : أن إعجازه في شرف جزالته، وذهب آخرون : إلى أن إعجازه في الجزالة الفائقة، وأسلوبه الخارج عن أساليب النظم والنثر، والخطب، والأراجيز، ثم يقول :- من رام أن يثبت إعجاز القرآن بأنه في جزالته خارق للعادات، مجاوز لفصاحة اللدد البلغاء، واللسن الفصحاء، فقد حاد عن مدرك الحق )، ثم يقرر الجويني : أن عجز العرب عن الإتيان بمثل القرآن كان بسبب الصرفة، فيقول :- (فتبين قطعا أن الخلق ممنوعون عن مثل ما هو من مقدورهم، وذلك أبلغ عندنا من خرق العوائد بالأفعال البديعة في أنفسها، ومن هدي إلى هذا المسلك فقد رشد إلى الحق المنير، وانعكس كل مطعن ذكره الطاعنون عضدا وتأييدا.
(٢) - ألفه الجويني بعد كتابه الارشاد، كما ذكر محققا الارشاد ( محمد يوسف موسى، وزميله ) انظر المقدمة : ص / س.