إلى أن يقول : فإذا لم تجر المعارضة، لم يبق لامتناعها، مع توفر الدواعي عليها محمل إلا صرف الله الخلق، فكيف يهتدي إلى إعجاز القرآن، من يحاول أن يثبت خروجه عن العادة في الجزالة، وشفاء الصدور في الحكم ؟ فإن مثله من مقدورات الخلق، ولكنهم مصدودون ممنوعون بصرف الله إياهم ) (١)
وعدها الغزالي (أبو حامد محمد بن محمد ت ٥٠٥هـ ) :- وجها من وجوه الإعجاز، فقال في كتابه –الاقتصاد في الإعتقاد :( فإن قيل : ما وجه إعجاز القرآن ؟ قلنا : الجزالة والفصاحة مع النظم العجيب، والمنهاج الخارج عن مناهج كلام العرب في خطبهم وأشعارهم، وسائر صنوف كلامهم، والجمع بين هذا النظم وهذه الجزالة معجز خارج عن مقدور البشر، نعم، ربما يرى للعرب أشعار وخطب حكم فيها بالجزالة، وربما ينقل عن بعض من قصد المعارضة مراعاة هذا النظم بعد تعلمه من القرآن، ولكن من غير جزالة، بل مع ركاكة، كما يحكى عن ترهات مسيلمة الكذاب حيث قال : الفيل وما أدراك ما الفيل.. الخ، فهذا وأمثاله ربما يقدر عليه، مع ركاكة يستغثها الفصحاء، ويستهزئون بها، وأما جزالة القرآن فقد قضى كافة العرب منها العجب، ولم ينقل عن واحد منهم تشبث بطعن في فصاحته، فهذا إذن معجز وخارج عن مقدور البشر من هذين الوجهين، أعني من اجتماع هذين الوجهين.