فكان نتيجة لذلك مؤلفات في الإعجاز لها مكانتها، كما كان من ذلك ثروة كبيرة من الأقوال المبسوطة في إعجاز القرآن تضمنتها كتب علم الكلام وعلم التفسير. ولا أريد في هذا البحث سرد وجوه إعجاز القرآن التي قال بها العلماء، وإنما سألقي الضوء على قول ظنه بعض العلماء وجها من وجوه الإعجاز، وهويقينا ليس منها، وإن كان له كبير الأثر في نشأة علوم البلاغة، وفي تأليف كتبها فيما بعد.
وقد قسمت هذا البحث إلى : تمهيد، وستة مباحث، وخاتمة :
المبحث الأول : بينت فيه معنى الصرفة لغة واصطلاحا.
المبحث الثاني : بينت فيه مصدر القول بالصرفة.
وفي المبحث الثالث : ذكرت القائلين بالصرفة من المعتزلة.
وفي المبحث الرابع : ذكرت القائلين بها من أهل السنة.
وفي المبحث الخامس : ذكرت القائلين بها من الشيعة الإمامية.
وخصصت المبحث السادس : لردود المعارضين للصرفة.
ثم بينت في الخاتمة أهم النتائج التي توصل إليها البحث.
والله أسأل أن أكون قد وفقت في العرض لهذا الموضوع.
المبحث الأول
معنى الصرفة لغة واصطلاحا
الصرفة لغة : على وزن فعلة- بفتح الفاء واللام وسكون العين-: رد الشيء عن وجهه، يقال: صرفه يصرفه، صرفا، فانصرف، وصارف نفسه عن الشيء : صرفها عنه. قال تعالى :(ثم انصرفوا ) (١) أي: رجعوا عن المكان الذي استمعوا منه، وقيل :- انصرفوا عن العمل بشيء مما سمعوا. وقوله تعالى :-(صرف الله قلوبهم ) (٢) أي :- أضلهم الله مجازاة على فعلهم، وصرفت الرجل عني فانصرف ). (٣)

(١) - سورة التوبة / ١٢٧.. والآية بتمامها ( واذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم الى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ).
(٢) - سورة التوبة / ١٢٧.
(٣) - ابن منظور : لسان العرب –ج٧/ صفحة٣٢٨ ( مادة صرف).


الصفحة التالية
Icon