ومؤدى كلامه : أن العرب أوتوا القدرة على معارضة القرآن، والإتيان بمثله، بما كانوا عليه من بيان، وبلاغة، وفصاحة، ولكنهم عجزوا عن الإتيان بمثله، لأنهم سلبوا العلم الذي يستطيعون به محاكاة القرآن.
وقال الطوسي ( نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن ت ٣٨٥هـ) بالصرفة : في كتابه: (تمهيد الأصول في علم الكلام ) - وهو شرح على كتاب :( جمل العلم والعمل ) للمرتضى - ثم تراجع عنه بعد ذلك في كتابه - الاقتصاد- فقال :-
( وأقوى الأقوال عندي، قول من قال : إنما كان معجزا خارقا للعادة، لاختصاصه بالفصاحة المفرطة في هذا النظم المخصوص، دون الفصاحة بانفرادها، ودون النظم بانفراده، ودون الصرفة، وإن كنت نصرت في شرح الجمل القول بالصرفة، على ما كان يذهب اليه المرتضى - رحمه الله -، من حيث شرحت كتابه، فلم يحسن خلاف مذهبه ) (١).
وقال بها كذلك ابن سنان ( عبد الله محمد بن سعيد الخفاجي ت٤٦٦هـ) في كتابه – سر الفصاحة -، يقول ابن سنان :( إذا عدنا إلى التحقيق وجدنا إعجاز القرآن : صرف العرب عن معارضته، بأن سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمكنون من المعارضة، وقت مرامهم ذلك، ثم يقول :- إن الصحيح أن إعجاز القرآن هو صرف العرب عن معارضته، وإن فصاحته كانت في مقدورهم لولا الصرف. وقال في موضع آخر :- متى رجع الانسان الى نفسه، وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار، وجد في كلام العرب ما يضاهي القرآن في تأليفه... !! ) (٢).
(٢) - ابن سنان الخفاجي : سر الفصاحة، ص ٨٩، ٢١٧