المفهوم الثالث : وهو مفهوم الجاحظ، والرماني لها، وهولا يقدح في إعجاز القرآن، بل هو ضرب من التدبير الإلهي، فصرف نفوس العرب وأوهامهم عن معارضة القرآن، ليحفظه من عبث العابثين.
المفهوم الرابع :- وهو ما ذهب إليه القاضي عبد الجبار، حيث رفض المفاهيم السابقة للصرفة، واعتبر أن الصرفة مرتبطة بالقوم أنفسهم، وليست شيئا خارجا عنهم، أو مفروضة عليهم فرضا، بل إن دواعيهم انصرفت عن المعارضة، لعلمهم أنها غير ممكنة، فهي في الواقع انصراف، وليست صرفة.
وقد تصدى نفر من العلماء لهذه المفاهيم جميعها، وقاموا بردها وتفنيدها بأدلة منها:-
١- قال الخطابي :( أبو سليمان أحمد بن محمد بن ابراهيم ت٣٨٨هـ) :- إن قوما ذهبوا الى أن العلة في إعجازه – أي القرآن – الصرفة، أى صرف الهمم عن المعارضة، ولم يرتض الخطابي ذلك، بل رد عليهم بقوله :( إن دلالة الآية تشهد بخلافه، وهي قوله تعالى :
( قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) (١)، فأشار سبحانه في ذلك إلى أمر طريقه التكلف والاجتهاد، وسبيله التأهب والاحتشاد، والمعنى في الصرفة التي وصفوها، لا يلائم هذه الصفة، فدل على أن المراد غيرها.) (٢)
٢- رد الباقلاني (أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم ت ٤٠٣هـ) الصرفة بردود منها :-
(٢) - الخطابي : في بيان اعجاز القرآن، ص ٢٣-٢٤.