أولا :- لو كان الأمر على ما ذهبوا اليه، وكان الإعجاز بالصرفة حقا، لكان الأقوى في الحجة، والأبين في الدلالة، أن يجيء القرآن في أدنى درجات البلاغة، لأن ذلك أبلغ في الأعجوبة، فإن الذي يعجز عن كلام هو في مستوى كلام الناس أو أدنى منه، يكون ذلك دليلاعلى أن هناك قوة غلابة، حالت بينه وبين المعارضة، ولم يكن هناك حاجة لمجيء القرآن الكريم في نظم بديع، ومستوى رفيع عجيب، لأن الأقرب إلى قوة الدليل، ووضوح الحجة
- حين تكون الصرفة هي الوجه للإعجاز- أن يكون القرآن في مستوى كلامهم، أو دونه.
ثانيا :- إننا لوسلمنا أن العرب المعاصرين للبعثة قد صرفوا كما يزعمون، لم يكن من قبلهم من أهل الجاهلية مصروفين عما كان يعدل به في الفصاحة والبلاغة، وحسن النظم، وعجيب الرصف، فلما لم يوجد في كلام من قبله مثله، علم أن ما ادعاه القائل بالصرفة ظاهر البطلان
ثالثا :- إنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة، لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع هو المعجز، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره.) (١).