ومنها :-الأخبار التي جاءت عن العرب في شأن تعظيم القرآن، وفي وصفه بما وصفوه به من نحو :-( إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر ) فمحال أن يعظموه وأن يبهتوا عند سماعه، ويستكينوا له، وهم يرون فيما قالوه وقاله الأولون مايوازيه، ويعلمون أنه لم يتعذر عليهم، لأنهم لا يستطيعون مثله، ولكن وجدوا في أنفسهم شبه الآفة، والعارض يعرض للإنسان فيمنعه بعض ما كان سهلا عليه، بل الواجب في مثل هذه الحال أن يقولوا :- إن كنا لا يتهيأ لنا أن نقول في معاني ما جئت به ما يشبهه، إنما نأتيك في غيره من المعاني بما شئت، وكيف شئت، بما لا يقصر عنه.
وخلاصة القول :- إن دليل النبوة عند القائلين بالصرفة، إنما كان في الصرف والمنع عن الإتيان بمثل نظم القرآن، لا في نفس النظم، ولو كان ذلك صحيحا، لكان ينبغي إذا تعجب متعجب، أن يقصد بتعجبه إلىالمنع من شيء كان يستطيعه، لا أن يقصد بتعجبه وإكباره الى الممنوع وهو القرآن الكريم، وهذا واضح لا يشكل.) (١)
٤- رد الحاكم الجشمي ( أبو سعد المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي ت ٤٩٤هـ )
- الزيدي المذهب، المعتزلي العقيدة - الصرفة، وأبان عن فسادها بقوله :- ( وقول من يقول بالصرفة لا يصح لوجوه، منها : أن القوم في أيامه لم يكونوا ممنوعين من الكلام، فإن أراد صرفهم عن العلم الذي معه يتأتى مثله، فهو الذي نقول، وإن أراد صرفهم - وتلك العلوم قائمة والدواعي إلى المعارضة متوافرة - فذلك يستحيل، وإن قال يصرفهم عن الدواعي، فقد بينا ثبوت الدواعي فيهم. وبعد، فلو كان الإعجاز الصرفة، لكان أدون في الفصاحة آكد في الإعجاز، ولكنه كان لا يصح التحدي به ) (٢)
(٢) - د. عدنان زرزور : الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير، ص ٤٤٦.