١٣-قال الزرقاني ( محمد عبد العظيم ) : تحت عنوان شبهة القول الصرفة :- ( ومن الباحثين من طوعت له نفسه أن يذهب إلى القول بأن وجه إعجاز القرآن هو الصرفة، أي : صرف الله العرب عن معارضته، على حين أنه لم يتجاوز في بلاغته مستوى طاقتهم البشرية، وضربوا لذلك مثلا، فقالوا : إن الإنسان كثيرا ما يترك عملا هو من جنس أفعاله الإختيارية، ومما يقع مثله في دائرة كسبه وقدرته، إما لأن البواعث على هذا العمل لم تتوافر، وإما لأن الكسل أو الصدود أصابه فأقعده همته، وثبط عزيمته، وإما لأن حادثا مفاجئا لا قبل له به قد اعترضه، فعطل آلاته ووسائله، وعاق قدرته قهرا عنه، على رغم انبعاث همته نحوه، وتوجه إرادته إليه، فكذلك انصراف العرب عن معارضتهم للقرآن، لم ينشأ من أن القرآن بلغ في بلاغته حد الإعجاز الذي لا تسمو إليه قدرة البشر عادة، بل لواحد من ثلاثة :
أولها : أن بواعث هذه المعارضة ودواعيها لم تتوافر لديهم.
ثانيها : أن صارفا إلهيا زهدهم في المعارضة، فلم تتعلق بها إرادتهم، ولم تنبعث إليها عزائمهم، فكسلوا وقعدوا على رغم توافر البواعث والدواعي.
ثالثها : أن عارضا مفاجئا عطل مواهبهم البيانية، وعاق قدرتهم البلاغية، وسلبهم أسبابهم العادية إلى المعارضة على رغم تعلق إرادتهم بها وتوجه همتهم إليها.