٣ - الله سبحانه لا يعجزه شىء، وأمره بقوله :(كن فيكون) والله قادر على إقامة يوم القيامة في أسرع لحظة، ولما كان أسرع الأحوال والحوادث في عقولنا وأفكارنا هو لمح البصر ذكره تقريبا للأذهان (٣٥)، وهذا يدفع المسلم للاستعداد الدائم للقاء ربه فالله قادر أن يهلكه وقادر أن ينصره بأسرع مما يتصور بل أسرع من ارتداد بصره إليه.
٤ - زوّد الله الإنسان بأدوات تحصيل المعارف والعلوم ومنها السمع والبصر والفؤاد وهي من أهم أدوات التحصيل العلمي، وقد قدم الله السمع على البصر للأسباب الآتية :
إن السمع سبب لتحصيل المعارف والعلوم فالإنسان إذا فقد بصره يستطيع تحصيل العلوم بل إن جهابذة العلماء والعباقرة كثير منهم كانوا قد فقدوا أبصارهم فالفهم والنطق يتعلقان بدرجة كبيرة بالسمع لا بالبصر.
السمع يشمل كل الجهات في حين البصر لا يبصر إلا أمامه.
تقديم السمع على البصر دليل على الأفضلية حيث إن السمع خلق قبل البصر، فالمولود يسمع قبل أن يبصر، لذا من السنة الآذان في أذن المولود اليمنى، وإقامة الصلاة في أذنه اليسرى، ليكون أول ما يسمع التوحيد.
آلة السمع تعمل في النور والظلام فيما البصر لا يبصر إلا في النور.
السمع متعلق بالنطق فإذا فقد السمع فقد النطق، بخلاف البصر.
وإذا تتبعنا السمع فإنه لا يأتى في القرآن إلا مفردا، بخلاف البصر فإنه يأتى بصيغة الجمع وذلك للإشارة إلى أن مدركات السمع نوع واحد، بينما البصر تتعدد مداركه فبالبصر يدرك الإنسان الضوء واللون والشكل، وقال الشوكاني :" ووحد السمع لأنه مصدر يدل على الجمع، بخلاف البصر، ولهذا جمعه "(٣٦).
ونعتوا بمصدر كثيراً فالتزموا الإفراد والتذكير.
وهذه قاعدة نحوية - المصدر إذا جعل اسما ذكر وأفرد (٣٧).