٢ - تكوين اللبن معجزة إلهية لها أثرها في النفس - فالطعام يصل إلى الأمعاء فتمتص المعويات ما فيه من غذاء، وتبقى الفضلات (الفرث) في الأمعاء وهذه هي التصفية الأولى، ثم يصل الدم إلى الغدد اللبنية فتفرز الحليب من الدم ليذهب إلى الثدي وهذه هي التصفية الثانية، وبهذا من بين فرث ودم يخرج الحليب (٧٥) وفي هذا نوع من الإعجاز الإلهي الذي يزيد المسلم ثقة بربه وقرآنه.
وللّبن ميزة خاصة إذ فيه فوائد طبية ففي الحديث :" فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر " (٧٦)، واللبن يحتوي على كل العناصر التي يحتاجها الجسم : من دهن وسكريات وبروتينات وأملاح معدنية وفيتامينات. فسبحان الله الذي جعل الأنعام مستودعا للأغذية.
٣ - ذكر جلود الأنعام وما يتفرع عنها من أصواف الغنم، وأوبار الإبل، وأشعار المعز، فيه دلالة على التمتع والارتياح - فالآية تعرض من نعم الأنعام ما يلبي الضرورات وما يلبي الأشواق (٧٧) ولا شك أن هذا التمتع والارتياح ينعكس على نفسية الإنسان؛ إذ يقبل على العبادات بارتياح مما يساعده على الخشوع والخضوع لله تعالى فبين الله هذا الارتياح بقوله تعالى (لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) النحل / ٧. أي لم تكونوا بالغيه إلا بالمشقة (٧٨).
٤ - ومن دواعي الارتياح والاستمتاع بالأنعام الدعوة إلى رؤيتها حين رواحها من المرعى وحين سراحها للمرعى؛ لأن الناظر لها يرى جمال خلق الله، صنع الله الذي أتقن كل شئ.
وخص الله هذين الوقتين بالذكر لاهتمام الرعاة بهما حين الذهاب والإياب وفي ذلك مفاخرة بالقطيع يذكر بنعمة الله على الإنسان، وقدّم الرواح على الذهاب؛ لأن الفائدة فيها أتم فمجيئها يدل على الشبع وكثرة الحليب مما يملأ النفوس بهجة وسروراً والعين متعة، فهي عنصر للغذاء وأداة انتاج في الاقتصاد (٧٩).


الصفحة التالية
Icon