التي تفترض أن سطح الأرض كان في فترة ملتهبا، ثم صلبا لا توجد فيه التربة التي تنبت الزرع، ثم يتعاون الماء والعوامل الجوية على تحويلها إلى تربة لينة١، ثم ظل الماء يشارك في إخصاب هذه التربة، وذلك بإسقاط "النتروجين - الأزوت" من الجو كلما أبرق فاستخلصت الشرارة الكهربائية التي تقع في الجو النتروجين الصالح للذوبان في الماء، ويسقط مع المطر؛ ليعيد الخصوبة إلى الأرض.. وهو السماد الذي قلد الإنسان القوانين الكونية في صنعه الآن بنفس الطريقة! وهو المادة التي يخلو وجه الأرض من النبات لو نفدت من التربة٢.
والآيات الكريمة السابقة من سورة طه والأنعام والزمر والنحل والمؤمنون.. وغيرها تشير إلى كثير من خصائص النبات.
الآية الكريمة من سورة الأنعام توضح معنى علميا (وهو أن الماء ينبت البذور؛ فتخرج أجنة النبات من دور الركود، وتخصص أجزاء منه للأوراق في إنتاج المادة الخضراء، وهى اللازمة لتكوين المادة الغذائية داخل عروق النبات؛ فتتكون البذور والثمار) ٣.
والنبات كما بينا يبدأ حياته في الغالب بذرة أو نواة توضع في الأرض وتسقى بالماء، ثم تنفلق ويخرج منها جذير يمتد إلى أسفل، وسويق يمتد إلى أعلى، وهو ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً﴾ ٤، وهذا الدور من حياة النبات يمكن أن يسمى دور الإنبات، وفيه تنشق الأرض عن النبتة الصغيرة ذات الورقتين الخضراوين، وفيه لا تأخذ البذرة أو النواة من خارج الأرض إلاّ الماء والأكسجين، أما ما عدا ذلك من الغذاء اللازم لتكوين الجذير والسويق والورقتين فتستمد مما أودع الله الحب والنوى من مواد عضوية كالنشا، قدّرها الله بحيث تكفى لتكوين تلك الأعضاء، وعلى الجذير والورقتين يتوقف غذاء النبات بعد ذلك؛ فالجذير يمتص الماء وما فيه من أملاح ذائبة في الأرض، والوريقات الخضر تقوم بعمليتي التنفس والتمثيل الخضري٥.
وتعرف هذه العملية (بالتمثيل الكربوني) ؛ يدخل ثاني أكسيد الكربون من الجو إلى النبات عن طريق الثغور، فيقابل المادة الخضراء والماء، وتتكون من الكربون مواد الغذاء بفعل الحرارة والضوء، أما طريقة تكوين هذه المواد من غاز ثاني أكسيد الكربون، فهي عملية كيماوية معقدة، لم يقل العلم عنها إلا أن وجود المادة الخضراء والماء والحرارة، ينتج عنها تغييرات تنتهي بتكوين المواد الغذائية، ولا يتم إلا في الضوء، ولذا فهي تسمى أيضا (بالتمثيل الضوئي)، ويقرر العلم أن هذه العملية هي أصعب وأعجب عملية تقوم بها الحياة، ولا يمكن لأي تركيبات أو أجهزة أن تقوم بمثل ما تقوم به ورقة خضراء في أي نبات٦.
٢ في ظلال القرآن: ٣/٣٢٤
٣ المنتخب في تفسير القرآن الكريم: ص ١٨٩، طبعة القاهرة ١٩٧ م.
٤ عبس: ٢٦.
٥ الإسلام في عصر العلم: ص ٦ ٥ ٣٤-٣٥٧ بتصرف/ محمد أحمد الغمراوي، القاهرة، دار الإنسان، ١٩٧٣م.
٦ الله والعلم الحديث ص ٤٧٥، عبد الرزاق نوفل، الناشرون العرب القاهرة: ١٩٧١م.