ولقد نقل ابن عبد ربه وجوه هذه الانحرافات في موسوعته الكبيرة المسماة: العقد الفريد وفيما يلي أنقل لك كلامه بنصه كما أورده في باب خاص عقده تحت عنوان: آفات النطق: "قال أبو العباس محمد بن يزيد النحوي: التمتمة في المنطق: التردد في التاء، والعقلة: التواء اللسان عند إرادة الكلام، والحبسة: تعذر الكلام عند إرادته، واللفف: إدخال حرفٍ في حرف، والرّتة: كالرتج تمنع أول الكلام فإذا جاء منه شيء اتصل به، والغمغمة: أن تسمع الصوت ولا يبين لك تقطيع الحروف، فأما الرّتة: فإنها تكون غريزية. قال الراجز: يا أيها المخلط الأرت.
وأما الغمغمة: فإنها قد تكون من الكلام وغيره، لأنها صوت من لا يفهم تقطيع حروفه.
واستأنف فقال: والطمطمة: أن يعدل بحرف إلى حرف، والغنَّة: أن يشرب الحرف صوت الخيشوم والخنة: أشد منها، والترخيم: حذف الكلام، والفأفأة: التردد في الفاء.
وأما كشكشة تميم: فإن بني عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شيناً لقرب الشين من الكاف في المخرج.
وأما سكسكة بكر: فقوم منهم يبدلون سن الكاف سيناً كما فعل التميميون في الشين.
وأما طمطمانية حمير ففيها يقول عنترة:
تأوي له قُلَص النعام كما أوتئ * حزم يمانية لأعجم طمطم(٩) " اهـ
بل أخذت الانحرافات اللغوية أشكالاً أبعد من ذلك حتى شاع لديهم تسميتها باللغات: كـ: لغة هذيل، ولغة قيس، ولغة كندة، وإن كنا نرى أن تسميتها باللغات ليس منهجاً مستقيماً، إذْ لم تخرج في عمومها عن مفردات العرب ومناهج نطقهم.