وبعد المائة الخامسة استقر عمل كثير من الشيوخ على طريقة إفراد القراءات بختمة على الأقل ثم يتم الجميع بين القراءات، ويعطى الطالب على قدر همته دون تقيد بما كان عليه السلف (عشر آيات) والمعتاد أن تعطى الختمة إفراداً: حزباً حزباً (جزء من ستين حزءاً من القرآن) وفي حالة الجمع تتم الختمة بإعطاء كل نصف حزب بينما ذهب آخرون فيما بعد إلى أكثر من ذلك ولم يجعلوا له حداً، وقد استدل لهذا المذهب بأن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ على النبي - ﷺ - في مجلس واحد من أول سورة النساء حتى بلغ: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾(٤٨٨) كما ثبت في الصحيح، ومن هذا الباب قال الإمام يعقوب الحضرمي قرأت القرآن في سنة ونصف على سلام، وقرأ الشيخ الشهاب أحمد بن الطحان على الشيخ أبي العباس بن نحلة ختمة كاملة بحرف أبي عمرو بروايتيه في يوم واحد.(٤٨٩)
------------
(٤٨٦) سورة النمل ٣
(٤٨٧) أخرجه البخاري في الصحيح كتاب بدء الوحي
(٤٨٨) سورة النساء ٤١
(٤٨٩) النطق بالقرآن العظيم جـ٢ ص ٦
المبحث الثاني: مذاهب جمع القراءات
جرى عمل شيوخ الإقراء في تلقين جمع القراءات على أربعة مذاهب:
الأول: الجمع بالحرف:
حيث يبدأ القارئ في القراءة، حتى إذا بلغ كلمة فيها اختلاف بين القراء سواء في الأصول أو الفرش فإنه يعيد تلك الكلمة بمفردها، فيستوفي ما للقراء فيها من وجوه، ثم يستأنف.
وإذا بلغ خلافاً يتعلق باجتماع كلمتين كالإدغامات والمدود العارضة والمنفصلة وقف على الثانية منها، ثم يعيد أوجه القراءات حتى يستوفي الأحكام.
وقد أخذ قراء مصر بهذا المذاهب، وهو بلا شك أسهل في الأداء، ولكن أداء القراءة على هذا الوجه يذهب بكثير من دلالات الآي وربما غير معانيها، وأدى إلى ضياع الخشوع والهيبة المتوخاة من القراءة أصلاً.
الثاني: الجمع بالوقف:


الصفحة التالية
Icon