أولاً: طريق الشاطبية والدرة
الشاطبية هو الاسم الشائع لقصيدة: حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع، وهو نظم من ١١٧٣ بيتاً نظمه القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الشاطبي الرعيني الأندلسي المتوفي سنة ٥٩٠ هـ والإمام الشاطبي من أعلام هذا الفن باتفاق، وقد جرى العلماء على اعتماد اختياره عن الأئمة السبعة بمثابة القول الراجح عن القراء والرواة من السبعة.
والقصيدة من البحر الطويل، تلتزم قافية واحدة هي اللام المروية بالألف، بدأها بالبسملة والصلاة على النبي - ﷺ - ثم بحمد الله سبحانه في إنعامه وفضله، ثم أتى على فضل قارئ في القرآن ومكانته فقال:
وقارئه المرضي قرَّ مثاله * كالاترُجِّ حاليه مُريحاً وموكِلا
هو المرتضى أمَّا إذا كان أُمَّةً * ويمَّمَه ظلُّ الرزانةِ قَنْقَلا
هو الحرُّ إن كان الحريَّ حوارياً * له بتحرِّيه إلى أن تنبَّلا
وتلتمس في الأبيات قدرة الشاطبي الأدبية والبلاغية التي وظفها أحسن توظيف في ضبط مسائل هذا الفن، وعزو قضاياه إلى رجاله من القراء والرواة، بشكل يقارب الإعجاز.
ثم بدأ بتسمية القراء الأئمة الذين اختارهم ابن مجاهد فذكر كل واحد منهم مع اثنين من رواته في نظم بديع، أورده هنا لحسن بيانه:
جزى الله بالخيرات عنَّا أَئِمَّةً * لنا نقلوا القرآن عذباً وسلسلا
فمنهم بدورٌ سبعةٌ قد توسطت * سماء العلى والعدلِ زهراً وكُمَّلا
لها شهبٌ عنها استنارت فنوَّرتْ * سوادَ الدَّجى حتى تفرَّقَ وانجلى
وسوف تراهم واحداً بعد واحدٍ * مع اثنين من أصحابه متمثِّلا
تخيَّرهم نُقَّادهم كلَّ بارعٍ * وليس على قرآنهِ متأكِّلا
فأما الكريم السِّرِّ في الطَّيبِ نافعٌ * فذاك الذي اختار المدينة منزلا
وقالونُ عيسى ثم عثمانُ ورشُهم * بصحبته المجدَ الرَّفيع تأثَّلا
ومكةُ عبدُ الله فيها مقامُهُ * هو ابنُ كثيرٍ كاثر القومِ معتَلا
روى أحمد البزِّي له ومحمَّدٌ* على سندٍ وهو الملقَّب قنبلا