"أقرأني جبريل على حرفٍ فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف"(١٧).
وروى مسلم بسنده عن أبي بن كعب أن النبي - ﷺ - كان عند أَضاةَ بني غفار قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: "إن الله يأمرك أن تُقْرِيء أُمتكَ القرآن على حرفٍ. فقال: أسألُ الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أُمتك القرآن على حرفين فقال: أسألُ الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرفٍ، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا"(١٨).
وأخرج الإمام أحمد بسنده عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو أنَّ رجلاً قرأ آيةً من القرآن، فقال له عمرو إنما هي كذا وكذا، فذكر ذلك للنبي - ﷺ - فقال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرفٍ فأي ذلك قرأتم أصبتم فلا تماروا، أي لا تشكوا ولا تجادلوا"(١٩).
ويجب القول إن المستند الشرعي للإقراء بالقراءات لا يقف عند حدود ما أوردناه من نصوص السنة الشريفة وهي في أعلى درج الصحيح، بل إن أقوى مستند لهذا الوجه إنما هو ذلك التواتر الذي تؤدى به هذه القراءات، وهو الذي لا رتبة فوقه من التواتر، والذي ما زالت جماهير الأمة تتلقاه وتلقّيه منذ عصر النبوة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وستجد في الفصل المخصص للأسانيد بهذه الدراسة مبلغ ما اشتملت عليه أسانيد الإقراء من رجال الضبط والإتقان الذين يبلغون أعلى درجات التواتر في كل حلقة من حلقات الإسناد.
------------
(١٥) لبَّبته: أخذت بردائه.
(١٦) حديث مشهور له روايات كثيرة صحيحة.