(٥٠٨) البخاري في كتاب الصوم.
المبحث الثاني: رسم القرآن الكريم في عهد الصحابة
تبين مما سبق أن رسول الله - ﷺ - توفي وعند المسلمين وثيقتان دقيقتان للقرآن الكريم.
١ - الوثيقة الأولى: وهي جماعة الحفاظ الذين قرؤوا القرآن على رسول الله - ﷺ - وهم لا يقلُّ عددهم عن المائة على أقل تقدير، فقد قتل يوم اليمامة سبعون منهم، وقتل يوم بئر معونة(٥٠٩) مثل ذلك، ومن هؤلاء الحفاظ من عرضه مباشرة على رسول الله - ﷺ - وأقام مجالس الإقراء يقرئ الناس فيها، وقد اشتهر من هؤلاء: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري.(٥١٠)
وكان هؤلاء بمثابة القراء الذين يقرؤون على شيوخهم فيحيزونهم، وكان رسول الله - ﷺ - بمثابة شيخ لهؤلاء قرؤوا عليه فأجازهم.
كذلك فإن من الصحابة من قرأ على حفاظ الصحابة في حياة رسول الله - ﷺ - ومنهم من أتم حفظه عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أضف إلى ذلك أن هناك من لم يتيسر له حفظ كل القرآن الكريم فحفظ منه أجزاءً وأرباعاً وسوراً متفرقة، وهؤلاء يتجاوز عددهم الألوف، فبذلك لم تكن في القرآن آية إلاّ وقد حفظها المئات من الصحابة على أقل تقدير.
٢ ـ الوثيقة الثانية: وهي الوثيقة المكتوبة، فمن المؤكد أن كتبة الوحي القرآني كتبوا كل آية في القرآن الكريم في صحفهم ـ كما علمت.
فقد كان الكتبة يتلقفون الآيات عن رسول الله - ﷺ - فينسخونها في الصحف فور نزولها، وربما كتب الآية كاتب واحد أو اثنان أو ربما أكثر من ذلك، وعن هذه الصحف، كان كثير من الصحابة ينسخون الآيات في صحفهم الخاصة، بل إن بعض الصحابة جمع لنفسه مصحفاً خاصاً كاملاً.