وفي عهد عثمان بن عفان خاف الصحابة على الناس من الاختلاف في القرآن بسبب عدم توفر نسخ قرآنية بين أيدي الناس يقرؤون بها. وقد توزع الحفاظ في الأمصار وعظمت الفتوح، ودخل الناس في دين الله أفواجا.
ولم يكن الحفاظ والقراء ـ مهما بلغوا من الكثرة ـ ليستطيعوا أن يقرؤوا الناس جميعاً في سائر الأمصار كما كان الأمر في عهد الرسول - ﷺ - والشيخين.
عندئذ رأى الصحابة أنه من الضروري أن يوفروا نسخاً من القرآن في البلاد المختلفة ليقرأ الناس استناداً إليها. وأمر الخليفة عثمان بن عفان بتشكيل لجنة رباعية من خيار حفاظ الصحابة وكتابهم، وهم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وهكذا فقد تم نسخ خمسة مصاحف موثقة، وزعت في المدن الرئيسة الخمس وهي: مكة والمدينة ودمشق، والبصرة والكوفة، وربما كانت المصاحف سبعة(٥١٢) وزعت في الأمصار الخمسة واليمن والبحرين كما ذكرت ذلك بعض الروايات. وبذلك اكتملت الوثيقة الثانية للقرآن الكريم مكتوبة متوفرة في الأمصار.
خط المصاحف: كتبت تلك المصاحف جميعاً بالخط الكوفي القديم، وظلت الكتابة بالخط الكوفي مفضلة لدى الناس حتى تحولوا عنها إلى خط النسخ في القرن الرابع الهجري لكونه أكثر وضوحاً وأبعد عن الالتباس.
ولا يزال الخط النسخي إلى اليوم هو المستعمل في كافة المصاحف ويشاهد القارئ في ملاحق الكتاب(٥١٣) صورة عن مصاحف القرن الأول الهجري المكتوبة بالخط الكوفي القديم.


الصفحة التالية
Icon