من المعلوم أن الجمع الذي قام به أبو بكر رضي الله عنه كان يتضمن الكتبة الأولى التي كتبت بحضرة النبي - ﷺ - الأصحاب وفق معارفهم السابقة: (ولم يؤخذ على كتاب القرآن وخطاط المصاحف رسم بعينه دون غيره، أوجبه عليهم وترك ما عداه، إذ وجوب ذلك لا يدرك إلا بالسمع والتوقيف)(٥١٨)
وهكذا فإن من المفترض أن هذا الرسم لم يكن يؤدي غالباً إلا قراءة واحدة، وهي القراءة التي تلقاها الصحابي عن النبي - ﷺ - في أحد المجالس.
فمثلاً في سورة آل عمران ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض﴾(٥١٩) فقد قرئت هذه الآية بواو(٥٢٠) في وسارعوا، وقرئت بغير واو(٥٢١)، ولما كان مصحف أبي بكر رضي الله واحداً فإنه من المفترض أنه اشتمل على أحدا الرسمين، ولكن من المؤكد أن وثيقة أخرى كتبت بالرسم الآخر، وكانت موجودة في المجموعة التي توفرت لدى الصديق رضي الله عنه من الوثائق.
وحينما كتب مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه ونسخ في الأمصار كان من أهم النقاط التي لحظتها تلك المصاحف أنها عالجت مواضع اختلاف الرسم
------------
(٥١٢) الخلاف في عدد المصاحف العثمانية مشهور، وهي تدور بين أربع أو خمس أو سبع أو ثمان نسخ من المصاحف، وليس هذا محل تحقيق الخلاف. انظر الإتقان للسيوطي ـ البرهان للزركشي.
(٥١٣) انظر الملاحق في آخر الكتاب.


الصفحة التالية
Icon