الثاني: أن المتفق عليه لدى الأمة بمجموعها أن القرآن إنما يؤخذ بالتلقي والمشافهة، وأن الوثيقة المكتوبة ليست مرجعاً نهائياً لرواية القرآن، بل هي محض آلة مساعدة، وأن العمدة في القراءة والإقراء على النص المتلقَّى بالتواتر، وهذا كان يشمل سائر الوجوه المذكورة، وكان يتأيد بما بين يدي الصحابة من صحف كتبوها بحضرة النبي - ﷺ - فيها أيضاً تلك الوجوه.
وهكذا فإن علاقة تناوبية نشأت بين الرسم العثماني والقراءات المتواترة فقد خدم كل منهما الآخر، وتآزرا في ضبط الأداء القرآني.
ويمكن أن نستنتج مما قدمناه في هذا الفصل أن سائر القراءات المشروعة(٥٤٠) (المتواترة) كانت حاضرة في ذاكرة الحفاظ التي كانت تتلقى بأعلى درج التواتر وكانت حاضرة في الوثيقة الكتابية في جمع أبي بكر وصحف الصحابة من حوله، ثم في نسخ عثمان (بمجموعها) كما وزعها في الأمصار.(٥٤١)
------------
(٥٢٢) سورة الأحزاب آية ٨٥
(٥٢٣) قرأ بها ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف
(٥٢٤) قرأ بها رويس
(٥٢٥) قرأ بها روح
(٥٢٦) قرأ بها الباقون
(٥٢٧) سورة الممتحنة، آية ٣
(٥٢٨) قرأ بها نافع وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر.
(٥٢٩) قرأ بها ابن عامر
(٥٣٠) قرأ بها عاصم ويعقوب
(٥٣١) قرأ بها الباقون
(٥٣٢) سورة يس آية ٤٩
(٥٣٣) قرأ بها أبو جعفر
(٥٣٤) قرأ بها ورش وابن كثير، وهشام، وقرأ أبو عمرو، باختلاس فتحة الخاء وتشديد الصاد
(٥٣٥) قرأ بها ابن ذكوان، وعاصم، والكسائي، ويعقوب، وخلف
(٥٣٦) قرأ بها حمزة.
(٥٣٧) سورة التوبة ١٠٠
(٥٣٨) سورة التوبة ١٠٧
(٥٣٩) انظر ص ٢٦٣ من هذه الدراسة، حيث تم استقصاء اختلاف حروف مصاحف الأمصار.
(٥٤٠) عبرت هنا بلفظ (المشروعة) نظراً لأننا نتحدث عنها قبل عصر تمييز القراءات بالشروط المعتبرة، ومقتضى عبارتي أن المشروعة هي ذاتها التي حظيت فيما بعد بالتواتر.
(٥٤١) انظر ص ٢٦٣ من هذه الدراسة حيث تم استقصاء اختلاف حروف مصاحف الأمصار.


الصفحة التالية
Icon