(٥٥٠) نقصد هنا بالمصحف الشائع المصحف الموافق لرواية حفص عن عاصم إذ هو السائد اليوم في أغلب بلدان العالم الإسلامي، وقد غلب شيوعه في العالم الإسلامي منذ أن بدأت طباعته في تركيا ومصر إذ كانت هي القراءة الشائعة في مصر وتركيا.
ويجب التنبيه أنني أنص على من قرأ خلاف المصحف الشائع، فتعين أن من لم يذكر في المنفردين قرأ وفق المصحف الشائع.
المبحث الثالث: مرحلة نقط القرآن الكريم وعلاقتها بضبط القراءات
اشتهر بين المشتغلين بعلوم القرآن الكريم أن مرحلة نقط القرآن الكريم جاءت متأخرة عن شكله، وأكثر الروايات أن نقط القرآن تم أيام عبد الملك بن مروان بمبادرة من الحجاج يوسف الثقفي والي العراق حينئذ، ويذكر في هذا السياق أبو الأسود الدؤلي(٥٥١) ونصر بن عاصم الليثي(٥٥٢) والخليل بن أحمد الفراهيدي(٥٥٣)، وتبدو هذه المرحلة متصلة بالمرحلة الأولى في إطار تحسين الرسم القرآني وإتاحته للقراء في الأمصار.
ومن العسير أن تنسب نقط القرآن لواحد بعينه من هؤلاء، والمؤكد أن جهودهم جميعاً تآزرت وتكاملت في خدمة الرسم القرآني حتى بلغ مبلغه في الإتقان والوضوح الذي نبتغيه، وليس تحديد نائل هذا الشرف من شرط هذه الدراسة فنحيل مرة أخرى على المؤلفات في تاريخ تدوين القرآن الكريم.
وما قدمناه في باب شكل القرآن من الاعتراضات والردود يصدق تماما على مرحلة نقط القرآن الكريم إذ كان الجميع ينظرون إلى المرحلتين على أنهما سعي للأهداف ذاتها بالوسائل ذاتها.
والذي يعنينا هنا من أمر نقط القرآن الكريم هو أثر هذه الخطوة على القراءات، فقد نتج عن النقط مثل ما نتج عن الشكل، من غياب كثير من القراءات المشروعة (المتواترة) من النص القرآني، فمثلاً:
في سورة الرعد /١٦/ تم نقط الآيات على الشكل التالي:


الصفحة التالية
Icon