وبعد تفصيل رأي الفراهيدي واختيار الطبري أضع بين يديك اختيار الجمهور فقد رأى جمهور المفسرين أن الأحرف السبعة باقية في التنزيل وقد استوعبتها المصاحف العثمانية، وما هي إلا تحديد لوجهة الاختلاف في أداء الكلمة القرآنية، وفق ما أذن به النبي - ﷺ -.
وقد اعتبر الإمام أبو الفضل الرازي(٣٧) ممثلاً لرأي الجمهور، وقد نهج من جاء بعده على منواله في اختياره، وننقل لك هنا اختياره كالتالي:
الكلام لا يخرج عن سبعة أحرفٍ في الاختلاف:
الأول: اختلاف الأسماء من إفرادٍ، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث، مثاله قوله تعالى: ﴿والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون﴾(٣٨). قرىء هكذا: ﴿لأماناتهم﴾ جمعاً وقرىء ﴿لأمانتهم﴾ بالإفراد.
الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماضٍ ومضارعٍ وأمر. مثاله: قوله تعالى: ﴿فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا﴾(٣٩) قرىء هكذا بنصب لفظ "ربنا" على أنه منادى وبلفظ "باعِدْ" فعل أمر، وقرىء هكذا ﴿ربُّنا بعَّد﴾ برفع "رب" على أنه مبتدأ وبلفظ "بعد" فعلاً ماضياً مضعَّف العين جملته خبر.
الثالث: اختلاف وجوه الإعراب، مثاله: قوله تعالى: ﴿ولا يضارَّ كاتب ولا شهيد﴾(٤٠) قريء بفتح الراء وضَمِّها، فالفتح على أن "لا" ناهية، فالفعل مجزوم بعدها، والفتحة الملحوظة في الراء هي فتحة إدغام المثلين. أما الضم فعلى أنَّ "لا" نافية، فالفعل مرفوع بعدها.
الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة: مثال: قوله تعالى: ﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾(٤١) قريء بهذا اللفظ وقريءَ أيضاً "والذكر والأنثى بنقص كلمة "ما خلق".
الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير: مثاله: قوله تعالى: ﴿وجاءت سكرة الموت﴾(٤٢) وقريء "وجاءت سكرة الحق بالموت".
السادس: الاختلاف بالإبدال: مثاله: قوله تعالى: ﴿وانظر إلى العظام كيف ننشزها﴾(٤٣) بالزاي وقريء "ننشرها" بالرَّاء.