وتجد لذلك أمثلة كثيرة حين تخوض في الباب الآتي المخصص لأثر القراءات المتواترة في الأحكام الشرعية.
ولكن يرد هنا سؤال:
هل يتعين هنا أن نأخذ بالقراءة المتواترة المجلية للتوهم، ونطرح القراءة المتواترة الأولى التي ينشأ منها التشابه؟..
والجواب: إن هذا لا مساغ له البتة، وقد بسطنا القول في صدر هذه الرسالة في وجوب اعتقاد المتواتر كله تنزيلا إلهيا، ولكن تقبل القراءة التي جلا فيها المعنى على أنها آية محكمة، وتقبل القراءة التي خفي فيها المعنى على أنها من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله.
هذا وإن علماء التفسير لم يسلِّموا لآية بعينها بأنها من المتشابه، بل جرت أقلامهم في تفسير سائر التنزيل، وحملوه على وجوه يدفع فيها التناقض، بوسائل مختلفة من الخبر واللغة والرأي، وهو ما تجده في ثنايا هذه الدراسة.
------------
(٥٧٦) سورة آل عمران ٦
(٥٧٧) روح المعاني للألوسي جـ٣ ص ٨٤
(٥٧٨) مناهل العرفان للزرقاني جـ٢ ص ٢٨٠
(٥٧٩) أصول السرخسي جـ١ ص ١٦٩، وقد كتب الباحث إبراهيم أحمد عباس مهنا في رسالة ماجستير نوقشت في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية عام ١٤١٥ هـ، بعنوان: أثر الحقيقة والمجاز في فهم المحكم والمتشابه، نقل فيها ستة تعاريف للمتشابه:
المتشابه: ما لم يتضح معناه وهو قول الجويني والشيرازي.
المتشابه: أعم من المجمل، والمجمل فرع منه وهو قول الآمدي.
المتشابه: هو الذي لم يترجح معناه وهو رأي البيضاوي والسبكي.
المتشابه: ما لا يدرك المراد منه أصلاً لا بالفعل ولا بالنقل وهو رأي الحنفية.
المتشابه: هو الأقسام التي في القرآن والحروف المقطعة، وهو رأي ابن حزم.
انظر الكتاب المذكور ص ٧٣.
(٥٨٠) سورة هود ١ - ٢
(٥٨١) سورة الزمر ٢٣
(٥٨٢) سورة آل عمران ٧
(٥٨٣) سورة الحج ٥٢
(٥٨٤) سورة آل عمران ٧


الصفحة التالية
Icon