وحجة الجمهور أن المواعدة كانت من الله ومن موسى، فكانت من الله أن واعد موسى لقاءه على الطور ليكلمه ويكرمه بمناجاته، وواعد موسى ربه المصير إلى الطور لما أمره به(٦٣٨)
وثمرة الخلاف:
من الجانب الاعتقادي إن قراءة الجمهور دليل على جواز نسبة بعض الأفعال إلى العبد على سبيل المجاز، وإن كانت قد صدرت من الله وحده على سبيل الحقيقة.
ومع أن اعتقاد أهل الحق أن الله خالق أفعال العباد، ولكنه أذن هنا سبحانه بنسبة بعض الأفعال إلى العباد، وليس هذا المعنى مستقلا في هذه الآية بل له نظائر كثيرة في القرآن الكريم.
وقد اجتمع الحقيقة والمجاز في قوله تعالى: ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾(٦٣٩) فنسب العمل إليهم بقوله: تعلمون، ولكنه أخبر أنه سبحانه خلقهم وخلق أعمالهم.
والتقدير: والله خلقكم وخلق أعمالكم، وهذا مذهب أهل السنة أن الأفعال خلق لله عز وجل واكتساب للعباد، وفي هذا إبطال مذهب القدرية والجبرية.(٦٤٠)
وفي الجوهرة(٦٤١):
فخالقٌ لعبده وما عمل * موفقٌ لمن أراد أن يَصِلْ
وخاذل لمن أراد بُعْدَهُ * ومنجزٌ لمن أراد وعْدَهُ
وقد نهج بعض من انتصر لقراءة الجمهور بأن الألف هنا ليست للمفاعلة، بل الوعد من الله لا غير، نظير ما تقول: (طارقت نعلي وسافرت) والفعل من واحد على ما تكلمت به العرب(٦٤٢)، كذلك تقول: خاطبت القوم، فتورد الألف هنا ولا تريد بها المفاعلة، إذ المخاطبة منك وحدك، ومنهم الاستماع ليس إلا.
------------
(٦٣٣) البقرة ٥١
(٦٣٤) سراج القاري لابن الفاصح ص ١٥٠
وعبارة الشاطبي في حرز الأماني: وعدنا جميعاً دون ما ألف حلا
وعبارة ابن الجزري في الدرة: وعدنا اتل بارئ يأب يأمر أتم حم........
(٦٣٥) سورة الأعراف ١٤٢
(٦٣٦) سورة طه ٨٢
(٦٣٧) سورة إبراهيم ٢٣
(٦٣٨) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ص ٩٦
(٦٣٩) سورة الصافات ٩٦
(٦٤٠) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ١٥ ص ٩٦
(٦٤١) جوهرة التوحيد للَّقاني بيت رقم ٤٥