وقرأ الباقون ﴿دفع الله﴾ مصدر من (دفع دفعاً) وحجتهم: أن الله عز وجل لا مدافع له، وأنه هو المنفرد بالدفع من خلقه وكان أبو عمرو يقول (إنما الدفاع من الناس والدفع من الله)، وحجة نافع: إن الدفاع مصدر من (دفع) كالكتاب من (كتب)كما قال: ﴿كتاب الله عليكم﴾ فالكتاب مصدر لـ (كتب) الذي دل عليه قوله: ﴿حرمت عليكم أمهاتكم﴾ لأن المعنى: كتب هذا التحريم عليكم ويجوز أن يكون مصدراً لـ (فاعلَ) تقول: (دافع الله عنك الشيء (يدافع) مدافعة ودفاعاً) والعرب تقول: أحسن الله عنك الدفاع ومثل ذلك (عافاك الله) ومثل (فاعلت) للواحد كثير. قال الله: ﴿قاتلهم الله﴾(٦٥٢)
وثمرة الخلاف: جواز أن يقال: دفاع الله للناس لوجود القراءة المتواترة، وإن هذا المعنى مقرر في آيات أخرى لم تستقل به هذه الآية وحدها، كما في قوله سبحانه: ﴿قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾(٦٥٣).
وعليه فإن قراءة (دفاع) تأتي كالإذن بجواز إضافة ألف المفاعلة، لما حقُّه أن يصدر عن الذات الإلهية وحدها، وذلك على سبيل المشاكلة والتنبيه إلى فساد قصدهم وبطلان سعيهم.
------------
(٦٥٢) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ط مؤسسة الرسالة ص ١٤٠ - ١٤١ وانظر كذلك سراج القاري لابن القاصح العذري ص ١٦٤
وعبارة الشاطبي: دفاع بها والحج فتح وساكن وقصر خصوصاً غرفة ضم ذو ولا
وأما قراءة يعقوب فقد أشار إليها ابن الجزري في الدرة بقوله:
.................. دفاع حز....................
وأما وجه أبي جعفر فلم يأت ابن الجزري على ذكره في الدرة، ولكن عاد فاستدرك إيراده في الطيبة، انظر تقريب النشر ص ٩٧
(٦٥٣) سورة التوبة ٣٠
المسألة الخامسة
قوله تعالى: ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام﴾(٦٥٤)
قرأ الكسائي: ﴿أن الدين عند الله الإسلام﴾ بفتح الهمزة
وقرأ الباقون: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ بكسر الهمزة (٦٥٥)