فتكون قراءة الكسائي بفتح الهمزة على أن العبارة تصريح بنص شهادة الله والملائكة وأولي العلم بأن الدين عند الله الإسلام.
وتكون قراءة الجمهور بكسر الهمزة على أنه كلام مستأنف، مصدَّرٌ بالتوكيد.
وقد أطال الإمام المفسر الطبري في رد قراءة الفتح فقال: كان بعض البصريين يتأول قوله شهد الله: قضى الله، ويرفع الملائكة بمعنى: والملائكة شهود وأولو العلم، وهكذا قرأت قراء أهل الإسلام بفتح الألف من أنه على ما ذكرت من إعمال شهد في (أنه) الأولى، وكسر الألف من (إن) الثانية وابتدائها، سوى أن بعض المتأخرين من أهل العربية كان يقرأ ذلك جميعا بفتح ألفيهما بمعنى شهد الله أنه لا إله إلا هو وأن الدين عند الله الإسلام، فعطف بأن الدين على أنه الأولى ثم حذف واو العطف وهي مراده في الكلام، واحتج في ذلك بأن ابن عباس قرأ ذلك: ﴿شهد إنه لا إله إلا هو﴾ الآية، ثم قال أن الدين عند الله الإسلام بكسر الأولى وفتح الثانية، بإعمال شهد فيها، وجعل إن الأولى اعتراضاً في الكلام غير عامل فيها شهد(٦٥٦).
ثم اشتد الطبري في الإنكار على من قرأ بالفتح فقال: وزعموا أن ابن مسعود قرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو بفتح أنه وكسر إن من إن الدين عند الله الإسلام على معنى إعمال الشهادة في أن الأولى، وأن الثانية مبتدأة فزعم أنه أراد
بقراءته إياهما بالفتح جمع قراءة ابن عباس وابن مسعود، فخالف بقراءته ما قرأ من ذلك على ما وصفت جميع قراء أهل الإسلام المتقدمين منهم والمتأخرين، بدعوى تأويل على ابن عباس وابن مسعود زعم أنهما قالاه وقرآ به(٦٥٧).
ثم أنكر إسناد القراءة إلى ابن عباس وابن مسعود فقال: وغير معلوم ما ادعى عليهما برواية صحيحة ولا سقيمة، وكفى شاهداً على خطأ قراءته خروجهما من قراءة أهل الإسلام(٦٥٨).
ثم جزم بوجوب القراءة بالكسر فقال: والصواب إذا كان الأمر على ما وصفنا من قراءة ذلك فتح الألف من (أنه) الأولى، وكسر الإلف من (إن) الثانية(٦٥٩).


الصفحة التالية
Icon