هذا ما يمكن به التأليف بين القراءتين، ولكن ثمة معنى آخر في قراءة يعقوب المتواترة في غاية الأهمية لم أجد من نبه إليه وهو أن الإخبار من المولى سبحانه بجعل الشيء لا يعني حدوثه، وهي المسألة التي طارت بها المعتزلة قديماً في الاحتجاج لقولهم إن القرآن مخلوق، حيث قالوا: كل مجعول فهو مخلوق، ووجهوا ذلك إلى قول الله عز وجل: ﴿إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون﴾(٦٦٩)
وقوله: ﴿ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا﴾(٦٧٠)، فأوهموا باستدلالهم حدوث القرآن، على أساس أنه مجعول.
فماذا ستقول المعتزلة لهذه القراءة المتواترة، أن الله جعل كلمته هي العليا يوم الهجرة؟، فهل كانت غير ذلك من قبل؟ وهل طرأ عليها العلوَّ طروَّاً بعد أن لم يكن؟....
------------
(٦٦٣) سورة التوبة ٤٠
(٦٦٤) تقريب النشر لابن الجزري ص ١٢٠
وعبارة الطيبة:.................. ظبي كلمة انصب ثانياً
ولم يأت الشاطبي على ذكر هذه القراءة لأنه اقتصر على السبع
(٦٦٥) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ٨ ص ١٤٩
(٦٦٦) سورة الزلزلة ١ - ٣
(٦٦٧) سورة الكهف
(٦٦٨) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ٨ ص ١٤٩
(٦٦٩) سورة الزخرف ٣، وانظر ما حرره القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي في كتابه طبقات المعتزلة، ص ١٥٧ بتحقيق السيد فؤاد سيد، طـ الدار التونسية للنشر.
(٦٧٠) سورة الشورى ٥٢
المسألة السابعة
قوله تعالى: ﴿فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين﴾ يوسف (٦٤)
قرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف: ﴿فالله خير حافظاً﴾ بالألف.
وحجتهم قوله عزَّ وجل حكاية عن إخوة يوسف: ﴿وإنا له لحافظون﴾ فقال يعقوب حين قالوا ﴿وإنا له لحافظون﴾: ﴿فالله خير حافظاً﴾، وأخرى وهي أن في حرف عبد الله [ابن مسعود]: ﴿فالله خيرٌ الحافظين﴾ جمع حافظ.
وقرأ الباقون: ﴿فالله خير حِفظاً﴾
وحجتهم: قوله ﴿ونحفظ أخانا﴾، فلما أضافوا إلى أنفسهم قال يعقوب: ﴿فالله خيرٌ حفظاً﴾ من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم.