أي: لا تنسبن أحداً إلى علم الغيب. فالخطاب لرسول الله - ﷺ - والمراد غيره.
ويقوي التاء ما بعده وهو قوله: ﴿واتل ما أوحي﴾.
قال الفراء: (وهو وجه غير مدفوع) كما قال: ﴿ولا تدع مع الله إلهاً آخر﴾(٦٧٦)
وقرأ الباقون: ﴿ولا يشرك﴾ بالياء وضم الكاف على الخبر.
المعنى: ولا يشرك الله في حكمه أحداً.
قال الزجاج: قد جرى ذكر علمه وقدرته، فأعلم جل وعز أنه لا يشرك في حكمه مما يخبر به من الغيب أحداً، كما قال جل وعز: ﴿عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً﴾.
وكان السدي يقول: ﴿ولا يشرك في حكمه أحداً﴾ أي لا يشاور في أمره وقضائه أحداً(٦٧٧).
وثمرة الخلاف: أن قراءة ابن عامر على سبيل الأمر، وقراءة الجمهور على سبيل الخبر، فكأنه سبحانه أخبر أن ماله من شريك، ثم نهى النبي - ﷺ - والمسلمين من بعده أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً.
وكلا المعنيين له نظائر كثيرة في القرآن الكريم، ولكن لا سبيل لدرك المعنيين في هذا المقام إلا من خلال القراءتين المتواترتين.
------------
(٦٧٦) سورة القصص ٨٨
(٦٧٧) حجة القراءات ص ٤١٤
وانظر سراج القاري ص ٢٧٨
وعبارة الشاطبي:
...... وتشرك خطاب وهو بالجزم كملا
ولم يأت ابن الجزري على ذكر لخلاف الثلاثة في هذا الوجه، فتعين أنهم وافقوا الجمهور.
المسألة التاسعة:
قوله تعالى: ﴿ما أشهدتم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذا المضلين عضداً﴾(٦٧٨)
قرأ سائر العشرة إلا أبا جعفر: ﴿وما كنتُ متخذَ المضلين عضداً﴾
وقرأ أبو جعفر: ﴿وما كنتَ متخذَ المضلين عضداً﴾(٦٧٩)
وظاهر أن الضمير بالضم للمتكلم يعود إلى المولى سبحانه وتعالى إذ لم يتخذ سبحانه عضداً من المضلين، وفي قراءة أبي جعفر فإن الضمير بالفتح للمخاطب وهو النبي - ﷺ -.


الصفحة التالية
Icon