وقد أورد الألوسي في روح المعاني أن الحسن وشيبة قرآ بمثل ما قرأ يعقوب(٦٨٠)، والمعنى أنه لا يصح لك الاعتضاد بهم إذ مرادهم تنفير الناس من الدخول في الإسلام، وأشار إلى أن ذلك نزل حين طلب المشركون من النبي - ﷺ - أن يخصهم بمجلسه ويطرد عنهم فقراء المسلمين(٦٨١).
وثمرة الخلاف في هذا الباب جليلة وعظيمة، فقد دلت قراءة الجمهور أن الله لا يتخذ عضداً من المضلين، وهذا متفق عليه بين سائر أهل الملة، ولكن أضافت
قراءة أبي جعفر معنى آخر جليلاً، وهو أن النبي - ﷺ - لا يتخذ عضداً من المضلين، وهو أمر تكويني وتكليفي، ولا يجوز أن يقال بأن النبي - ﷺ - اتخذ أحداً من المضلين عضداً له وعونا، بعد أن دلت لهذا القراءة المتواترة، وقد بينت لك جزم ابن الجزري بتواترها(٦٨٢).
ومن هذه المقدمة يظهر لنا أن السؤال الذي يوجه هنا لعامة الشيعة كيف يمكن أن يكون رسول الله - ﷺ - قد عهد إلى أبي بكر وعمر وعثمان بجليل الأعمال، وأخطر المسؤوليات مما لا ينكره القوم ثم هم بعد ذلك من المضلين!؟.
أليس ذلك طعنا في أمانة النبي - ﷺ -، واتهاما له بالإعراض عن أمر ربه بعد أن نهاه عن اتخاذ المضلين عضداً وعوناً!؟ وهكذا فإن اتهام كبار الصحابة بالفسق والخيانة ما هو في الحقيقة إلا اتهام مبطن لمقام النبي - ﷺ - الذي نهاه الله عز وجل أن يتخذ أعواناً من المضلين.