ومع أني لم أعثر على استدلال بهذه القراءة لأحد من المفسرين ولكن القراءة كما ترى من أظهر الأدلة على عدالة الصحابة واستقامتهم وتزكيتهم، إذ لا ينازع الشيعة في أن النبي - ﷺ - أصهر إلى الشيخين، ودفع بنتيه إلى عثمان، وعهد إلى الصديق بمعاضدته في الهجرة، واستشار عمر في أمر الأسرى وأمور أخرى، وعهد إلى عثمان بمفاوضة قريش يوم الحديبية، فكيف يسند إليهم هذه الأعمال الجليلة، وهي من أبرز أشكال المعاضدة والمناصرة، ثم يقولون بعد ذلك إن هؤلاء الصحابة كانوا من المضلين؟
وأين يمضون بمذهبهم في وجه هذه الآية المتواترة: ﴿وما كنتَ متخذَ المضلين عضداً﴾، والحق أن عدالة الصحابة من المسائل التي تضافرت عليها الأدلة من القرآن
والسنة الصحيحة، وحظيت بإجماع السلف من أهل السنة والجماعة، وقد لخص الإمام أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي مذهب الأمة الإسلامية في عدالة الصحابة ومبررات هذا المذهب بقوله:
(إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله - ﷺ - فاعلم أنه زنديق، لأن الرسول - ﷺ - عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله - ﷺ -، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة(٦٨٣)).
------------
(٦٧٨) سورة الكهف ٥١
(٦٧٩) تقريب النشر لابن الجزري ص ١٣٧.
وعبارة طيبة النشر:.......... أشهدت أشهدنا، وكنت التاء ضم
سواه....
ولم يأت الشاطبي على ذكر هذه القراءة لأنه اقتصر على السبع
(٦٨٠) روح المعاني للآلوسي جـ١٥ ص ٢٩٦
(٦٨١) المصدر نفسه
(٦٨٢) انظر هامش الصفحة السابقة
(٦٨٣) العواصم من القواصم لابن العربي المالكي ط المكتبة العلمية بلبنان ص ٣٤.