ويجب التنويه هنا بأن ما ذهب إليه أبي زرعة من الجزم بزندقة من يطعن في الصحابة الكرام ليس محل اتفاق بإطلاق، وإلا للزم من ذلك زندقة الصحابة أنفسهم إذ أنه استفاض طعن علي في معاوية، وطلحة والزبير، وطعن سعد بن عبادة في خيرة المهاجرين، ومثل ذلك في كتب السير كثير، وليس هذا محل إحصائه.
وإنما مراد أبي زرعة رحمه الله تجريح من طَعَنَ في صدقهم في الرواية عن المعصوم - ﷺ -، فذلك لم ينقل عن أحد من السلف الصالح، وعلى الرغم مما وقع بين الصحابة من حروب غير أنه لم ينقل عن أحد منهم اتهامَ آخر في كذب بالرواية عن النبي - ﷺ -.
المسألة العاشرة
قوله تعالى: ﴿هنالك الولاية لله الحق﴾ الكهف ـ٤٤ -
قرأ حمزة والكسائي: ﴿هنالك الوِلاية﴾ بكسر الواو، أي السلطان والقدرة لله
وقرأ الباقون: ﴿هنالك الوَلاية﴾ بالفتح أي النصرة لله.
قال الفراء: من فتح الواو يقول: النصرة. يقال: (هم أهل ولاية عليك)
أي: متناصرون عليك. وكان تأويل الكلام: هنالك النصرة لله عز وجل ينصر أولياءه ويعزهم ويكرمهم. وهما مصدران، فالكسر مصدر الوالي. تقول: وليت الشيء ولاية، وهو بين الولاية، والمفتوح مصدر (للولي) تقول: هذا ولي بين الولاية(٦٨٤).
وثمرة الخلاف: أن الآية تتضمن اثنين من الأسماء الحسنى لله عز وجل، وهما الولي والوالي، وقد وردت نظائر ذلك في القرآن الكريم:
﴿مالهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا﴾(٦٨٥)
﴿ما لهم من دونه من وال﴾(٦٨٦)
------------
(٦٨٤) حجة القراءات ص ٤١٨
ولم يأت ابن القاصح في السراج على ذلك رغم اشتهاره عن القراء مكتفياً بإحالة سابقة، وقد أورد الصفاقسي في غيث النفع في القراءات السبع ذلك بقوله: (الولاية) قرأ الأخوان بكسر الواو والباقون بالفتح.


الصفحة التالية
Icon