انظر غيث النفع في القراءات السبع ط البابي الحلبي على هامش السراج ص ٢٧٩ وكذلك فإنه لم يرد ذكر ذلك في الشاطبية لابن فيرّه الشاطبي، ولا في طيبة النشر لابن الجزري ولم يوردها كذلك القاضي في الوافي في شرح الشاطبية فاقتصرنا على إيرادها من حجة القراءات وغيث النفع.
(٦٨٥) سورة الكهف ٢٦
(٦٨٦) سورة الرعد ١١
المسألة الحادية عشرة:
قوله تعالى: ﴿إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً﴾(٦٨٧)
قرأ قالون بخلف عنه وورش وأبو عمرو ويعقوب: ﴿ليهب لك غلاماً زكياً﴾ بالياء وقرأ الباقون ﴿لأهب لك غلاماً زكياً﴾ بالهمزة(٦٨٨)
وقد أخبر الآلوسي أن الزهري وابن مناذر واليزيدي والحسن وشيبة قرؤوها بالياء أيضا(٦٨٩).
والحاصل أنهما قراءتان متواترتان، جاءت الأولى بالتصريح بالواهب سبحانه بصيغة الغيبة، كما جاءت الثانية بصيغة المتكلم وهو هنا الملك، على أساس أنه يمتثل أمر ربه، بل وردت في بعض مصاحف السلف تفسيراً: أمرني أن أهب لك غلاماً(٦٩٠).
ولا شك أن تواتر القراءة بالياء يستلزم أن تكون قد رسمت في بعض المصاحف العثمانية كذلك، ولكنني لم أجد أحداً أشار إلى هذا المعنى، وقد سبق أن فصلت القول في ذلك في باب مصاحف الأمصار الخاصة فراجعه(٦٩١).
ولا مندوحة من ثبوت القراءة المتواترة بالوجهين، وما نقل عن بعضهم من أن الأصل (لأهب) ولكن أبدلت الهمزة ياء تعسف لا مبرر له إذ ليست كذلك مذاهب الأربعة(٦٩٢) في الهمزات(٦٩٣).
وثمرة الخلاف أن القراءة الأولى صرحت بأن الواهب هو الله سبحانه وتعالى، وهذا محل اتفاق بين أهل التوحيد، لكن جاءت القراءة الثانية بالإذن بنسبة الأفعال إلى غير الله سبحانه وتعالى مجازاً، وإن تكن سائر الأفعال إنما تعود في الحقيقة لله عز وجل دون سواه.


الصفحة التالية
Icon