فقد فهم من وجه الجمهور على ما تأوله الزجاج جواز تعلق بعض علم الله سبحانه بحصول الأفعال، فيكون علمه سبحانه من قبل وقوع الحدث علم غيب، ومن بعده علم مشاهدة، ولهذا الوجه أدلة من التنزيل قدم الزجاج منها قوله سبحانه: ﴿ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين﴾(٧٠٢).
ويفهم من وجه البناء للمجهول وهو ما اختاره رويس أن المراد أن يُعلِم الله من أراد بأن الرسل بلغوا الرسالات وأن الله حفظ الوحي فلم يضع منه شيء والله أعلم.
------------
(٦٩٨) سورة الجن ٢٨
(٦٩٩) تقريب النشر لابن الجزري ص ١٨٤
وعبارة طيبة النشر:.................................... ليعلم اضمما
غناً.................................
(٧٠٠) روح المعاني للآلوسي جـ٢٩ ص ١٠٠
(٧٠١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ١٩ ص ٣٠، وانظر التفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي جـ٢٩ ص ١٨٦
(٧٠٢) سورة آل عمران ١٤٣
المطلب الثاني: النبوات
المسألة الأولى:
قوله تعالى: ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها﴾(٧٠٣)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: ﴿أو نَنْسَأْها﴾(٧٠٤)
وقرأ الباقون: ﴿أو ننسِها﴾
وتأول ابن كثير وأبو عمرو الآية على أنها من التأخير، بحسب قراءتهما، ونقل أبو زرعة عنهما تأويلهما الآية بعبارة: ما ننسخ من آية فنبدل حكمها أو نؤخر تبديل حكمها فلا نبطله نأت بخير منها، ويكون المعنى ما نرفع من آية أو نؤخرها فلا نرفعها(٧٠٥)، ومنه قولهم: نسأت الإبل عن الحوض إذا أخرتها، ومنه قولهم: أنسأ الله أجلك(٧٠٦). ومنه الحديث: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه)(٧٠٧).
وأما المعنى على قراءة الجمهور فإنه من النسيان، وهو أن الله عز وجل إذا شاء أنسى النبي - ﷺ - شيئاً من القرآن، وهو ما يدل عليه صريح قول الله عز وجل: ﴿سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله﴾(٧٠٨).