قال الباجوري: والمذهب الحق أن أهل الفترة وهم من كان في أزمنة الرسل أو في زمن الرسول الذي لم يرسل إليهم ناجون، وإن بدلوا وغيروا أو عبدوا الأصنام(٧٣٦).
ولكن يرد على هذا المذهب ما ورد في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال: في النار، قال: فلما قفى الرجل دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار(٧٣٧)
وقد أجاب العلماء عن هذا الحديث إجابات كثيرة منها أنه حديث آحاديث فلا يعارض القطعي من القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا﴾(٧٣٨).
ومنها أن في الحديث اضطراباً، إذا لم تتفق الرواة في حديث مسلم على قول النبي - ﷺ - ﴿إن أبي وأباك في النار﴾ ففي رواية أنه قال (بدل ذلك (إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار) ومثله ما رواه البزار والطبراني والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص أن أعرابياً قال لرسول الله - ﷺ -: أين أبي؟ فقال: في النار. قال: فأين أبوك؟ قال: حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار(٧٣٩).
وقد انتصر الزين الحلبي لهذا المذهب مستدلاً بما أورده الخطيب عن عائشة والقسطلاني في المواهب اللدنية أن الله أحيا والدي النبي - ﷺ - حتى آمنا به(٧٤٠).
ولكن هذا الاستدلال لا ينهض حجة في هذا المقام إذا الحديث في هذا المعنى باطل، وقال الحافظ ابن كثير إنه حديث منكر جداً وسنده مجهول، وقد جزم ابن دحية بأنه موضوع(٧٤١).
على أن نقض الاستدلال بهذا الوجه لا يضعف ما اختاره الأشاعرة من نجاة أهل الفترة لعموم الأدلة التي قدمناها.
------------
(٧٢٤) سورة البقرة ١١٩
(٧٢٥) سراج القاري لابن القاصح ص ١٥٦
وعبارة الشاطبي التي تبين اختيار نافع:
وتسأل ضموا الفاء واللام حركوا برفع خلوداً وهو من بعد نفي لا
وعبارة ابن الجزري في إضافة يعقوب:
.............................. وتسئل حوى، والضم والرفع أصلا
(٧٢٦) حجة القراءات لأبي زرعة ص ١١١