قال الفرَّاء: (من كسر اللام يريد: أخذ الميثاق للذي آتاهم من الحكمة)
قال الزجاج: (ويكون الكلام يؤول إلى الجزاء كما تقول (لما جئتني أكرمتك) فيكون المراد أن الله سبحانه أخذ منهم الميثاق أن يحفظوا ما آتاهم من كتاب وحكمة.
وقرأ الباقون: ﴿لَمَا آتيتكم﴾ بفتح اللام. كان الكسائي يقول: (معناه مهما آتيتكم) على تأويل الجزاء. قال: (وجوابه ﴿فمن تولى﴾وهذه اللام تدخل في (ما) وفي (مَن) على وجه الجزاء)
قال الزجاج: (ما) ها هنا على ضربين: يصلح أن تكون للشرط والجزاء، وهو أجود الوجهين لأن الشرط يوجب أن كل ما وقع من أمر الرسل فهذه طريقته.
واللام دخلت في (ما) كما تدخل في(إن) الجزاء إذا كان في جوابها القسم. قال الله ﴿ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك﴾(٧٤٣) وقال: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن﴾(٧٤٤) فاللام في (إن) دخلت مؤكدة موطئة للام القسم، ولام القسم هي اللام التي لليمين لأن قولك: (والله لئن جئتني لأكرمنك) إنما حلفك على فعلك، إلا أن الشرط معلق به، فلذلك دخلت اللام على الشرط. فإذا كانت (ما) في معنى الجزاء موضعها نصب بقوله ﴿آتيتكم﴾ وتقدير الكلام (أي شيء آتيتكم) فتكون اللام الأولى على (ما) فسره دخلت للتوكيد أي توكيد الجزاء، واللام الثانية في قوله: ﴿لتؤمنن به﴾ ـ ٨١ ـ لام القسم، قال: ويجوز أن تكون (ما) في معنى (الذي) ويكون موضعها الرفع، المعنى: (أخذ الله ميثاق أي استخلصهم للذي آتيتكم (المعنى آتيتكموه) لتؤمنن به وحذف الهاء من قوله (آتيتكموه) لطول الاسم.(٧٤٥)
وقال الزمخشري في الكشاف: اللام في ﴿لما آتيتكم﴾ لام التوطئة، لأن أخذ الميثاق في معنى الاستخلاف، وفي (لتؤمنن) لام جواب القسم، و(ما) يحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط، ولتؤمنن ساد مسد جواب القسم والشرط جميعاً.


الصفحة التالية
Icon