أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده في الصحابة عن ابن عباس قال: لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد وأسد بن عبد، ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أحبار اليهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد واتبعه إلا أشرارنا، ولو كانوا خيارنا ما تركوا آبائهم وذهبوا إلى غيرهم فأنزل الله في ذلك ﴿ليسوا سواء من أهل الكتاب﴾ الآية.
وأخرج أحمد وغيره عن ابن مسعود قال: أخَّر رسول الله - ﷺ - صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال: أما أنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم، وأنزلت هذه الآية ﴿ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة﴾ حتى بلغ ﴿والله عليم بالمتقين﴾(٧٥٧)
وكذلك فإن السايق ظاهر في هذه الدلالة وهي أن الذين دخلوا في الإسلام منهم هم المعنيون بالخطاب، فبعد أن ذكر سبحانه خبر مؤمني أهل الكتاب في هذه الآية عقب فوراً بذكر كافريهم فقال: ﴿وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين، إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾(٧٥٨)
وهذا المعنى هو ما اختاره ابن العربي، بل نقل الإجماع عليه فقال: وقد اتفق المفسرون أنها نزلت(٧٥٩) في من أسلم من أهل الكتاب وعليه يدل ظاهر القرآن، ومفتتح الكلام نفي المساواة بين من أسلم منهم وبين من بقي منهم على الكفر، إلا أنه روي عن ابن مسعود أن معناه نفى المساواة بين أهل الكتاب وأمة محمد - ﷺ - وقد روي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله بن سلام ومن أسلم معه من أهل الكتاب وقوله ﴿ليسوا سواء﴾ تمام كلامٍ، ثم ابتدأ الكلام بوصف المؤمنين بالإيمان والقرآن والصلاة، وهذه الخصال هي من شعائر الإسلام، لاسيما الصلاة وخاصة في الليل وقت الراحة.
وقيل: إنَّها الصلاة مطلقاً. وقيل: إنَّها صلاة المغرب والعشاء الآخرة.