عن ابن عباس قال: نزلت على رسول الله - ﷺ - في قطيفة حمراء فقدت في غزوة بدر فقال من كان مع النبي - ﷺ - (لعل رسول الله - ﷺ - أخذها) فأنزل الله الآية(٧٦٤).
وحجة أخرى وهي أن المستعمل في كلام العرب أن يقال لمن فعل ما لا يجوز له أن يفعل (ما كان لزيد أن يفعل كذا وكذا، وما كان له أن يظلم) ولا يقال (أن يُظْلَم) لأن الفاعل فيما لا يجوز له يقال له: (ما كان ينبغي أن يفعل ذلك) نظير قوله: ﴿وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله﴾ وكما قال ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين﴾ ألا ترى أنهم المستغفرون ولم يقل ﴿أن يُستغفروا﴾.
وقرأ الباقون ﴿أن يُغَلَّ﴾ بضم الياء وفتح الغين. أي ما كان لنبي أن يغله
أصحابه أي يخونوه، ثم أسقط (الأصحاب) فبقي الفعل غير مسمى فاعله وتأويله ما كان لنبي أن يخان(٧٦٥).
وحجتهم ما ذكر عن قتادة قال (ما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه من المؤمنين)(٧٦٦) ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي - ﷺ - يوم بدر وقد غل طوائف من أصحابه.
وقال آخرون (معنى ذلك: وما كان لنبي أن يتهم بالغلول) قال الفراء: (يُغَلَّ أي يسرق ويخَوَّن، أي ينسب إلى الغلول يقال: أغللته أي نسبته إلى الغلول. وقال آخرون: ماكان لنبي أن يُغَلَّ) أي يلفى غالاً أي خائناً. كما يقال (أحمدت الرجل) إذا وجدته محموداً.(٧٦٧)
وثمرة الخلاف: أن القراءة الأولى نفت الغلول عن النبي - ﷺ -، وهو معلوم من الدين بالضرورة، إذ يجب للأنبياء الأمانة والصدق.
أما القراءة الثانية فقد نفت الغلول عن أصحاب الأنبياء، أو قل نفت إمكانية الغلول من أصحاب الأنبياء، ثم حذف الفاعل وأسند إلى ما لم يُسَمَّ فاعله.
وهل هو أمر تكويني أو تكليفي؟ الظاهر أنه تكويني إذ (ما) هنا نافية، متضمن معنى التكليف.


الصفحة التالية
Icon