فعلى قراءة الجمهور فإن المرأة الصالحة قانتة حافظة لغيب زوجها بتوفيق الله وحفظه، وحفظها هنا مجاز، إذ حقيقة الحفظ من الله، والله خير حافظاً، فاشتملت الآية على الحقيقة والمجاز في آن معاً، وخير تفسير للآية قول النبي - ﷺ -: "ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله".(١٢٣٧)وفي رواية: "خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك".(١٢٣٨)
أما توجيه قراءة النصب فإنها على معنى: يحفظن الله، أي يحفظن أمره ونهيه، فالتقدير: حافظات للغيب بما حفظ مرضاة الله، فحذف المضاف، ونصب لفظ الجلالة بنزع الخافض.
ثمرة الخلاف: أفادت قراءة العامة أن الحافظ الحق هو الله عز وجل، وأن المرأة الصالحة مأمورة أن تبذل الجهد في حفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. وأفادت القراءة الثانية بالنصب، أن المرأة الصالحة مأمورة أن تحافظ على مرضاة الله، وتحقق أمره ونهيه في القيام بما يأمرها به زوجها في غيبته.
وهكذا فإن دلالة القراءتين متشابهة وقد ألقت القراءات المتعددة معاني من هيبة الله وجلاله على المرأة المسلمة في حفظها لغيب زوجها، لم نكن نعرفها لولا ورود القراءة المتواترة.
------------
(١٢٣٥) سورة النساء
(١٢٣٦) تقريب النشر في القراءات العشر ص ١٠٥
وعبارة طيبة النشر:
................................... ونصبُ رفعِ حفظ اللهُ ثرا
(١٢٣٧) أخرجه أبو داود عن عمر بن الخطاب ورجاله ثقات، وانظر كذلك جامع الأصول لابن الأثير الجزري جـ١١ ص ٤٢٦
(١٢٣٨) أخرجه النسائي وأحمد عن أبي هريرة وإسناده صحيح. وانظر سبل السلام جـ٣ ص ١١١ وأخرجه الطيالسي عن أبي هريرة.
المسألة السابعة
قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن... أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال﴾.(١٢٣٩)


الصفحة التالية
Icon