فتضمر لها حركة الحرف المبدل منه، ثم تلقي الحركة على الفاء فتسقط همزة الوصل لتحرك ماقبلها فنقول (قِرْنَ)، كما يقال من (وصل يصل): صِلْنَ. والأصل (اِوْقرنَ) فحذفت الواو لأنها وقعت بين كسرتين، واستغني عن الألف لتحرك القاف، فصار: قرن على وزن (عِلْنَ). ويحتمل أن يكون من (قَرَرْتُ في المكان أقِرُّ) وإذا أمرت من هذا قلت: (واقرِرْنَ) بكسر الراء الأولى فالكسر من وجهين: على أنه (الوقار) ومن (القرار) جميعاً.(١٢٥١)
وثمرة الخلاف: أن الآية العظيمة أمرت نساء النبي - ﷺ - بأمرين اثنين:
١ - الوقار في البيوت، وهو لزوم السكينة والأدب، وهو ما دلت له قراءة الجمهور بالكسر.
٢ - الاستقرار في البيوت، وعدم الخروج منها إلا لضرورة أو عذر، وهو ما دلت له قراءة المدني وعاصم.
وبالجملة فكلاهما مطلوب من نساء النبي - ﷺ - بدلالة القرآن الكريم.
ولا ريب أن ذلك في حق نساء النبي بمنزلة الوجوب لأنه أمرٌ لهنّ، وهو من نساء المؤمنين من بعدهن بمنزلة المندوب.
ولا يخفى أن ذلك كله مقيد بما دون الضرورة، وإلا فلا خلاف أنهن لاحرج عليهن في الخروج من البيوت إذا دعت إلى ذلك مصلحة ضرورية لهن أو للأمة، وعلى ذلك يحمل خروج السيدة عائشة رضي الله عنها حين خرجت للثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه.
------------
(١٢٤٩) سورة الأحزاب
(١٢٥٠) وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري ط البابي الحلبي ص ٣٢٨
وعبارة الشاطبي:
وقرنَ افتحِ إذ نصُّوا يكونُ له ثوَى يحلُّ سوى البصرة..................
(١٢٥١) حجة القراءات لأبي زرعة ص ٥٧٧
الباب الثالث: أثر القراءات في الأحكام الشرعية.
الفصل الثاني: الأحكام الفقهية.
المبحث الرابع: في الحدود
المسألة الأولى
قوله تعالى: ﴿يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾(١٢٥٢)
قرأ حمزة والكسائي: ﴿قل فيهما إثمٌ كثير﴾
وقرأ الباقون: ﴿قل فيهما إثمٌ كبير﴾(١٢٥٣)