﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون﴾(١٢٦١).
فقال عمر بن الخطاب: انتهينا.. انتهينا(١٢٦٢)
وروي في أسباب النزول قصص مشابهة عن حمزة وعن علي رضي الله عنها، فالله أعلم أي ذلك كان.
وهكذا فإن هذه الآية كانت بمثابة إيحاء للناس بكراهية الخمر والميسر، وتهيىء لنفوسهم للابتعاد عنها.. بما تكشف لهم من جوانب الشر في هذين الوبائين.
فالإسلام بما هو خطاب للإنسان، بكل غرائزه وميوله وواقعه، كان منسجماً مع ذلك كله، يأمر بما يقتضي الحال، وبلغ أن يطاع، حينما أمر بالمستطاع.
فلم يكن تحريم الخمر أمراً سهلاً في مجتمع الجاهلية، الذي لم يكن يفرق بين حاجته إلى الماء وحاجته إلى الخمر، وفي بلد كان الخمر فيه ثروة قومية أساسية،
ربما أوصل إتلافه إلى كارثة اقتصادية، وفي مجتمع لم يكن يحسن التفريق بين وحي السماء، ووحي سدنة الوثن.
فبدأ تحريم الخمر ببناء قدسية وحي السماء في نفوس الناس، ثم التمهيد لهذا التحريم بحيث أن رؤوس الأموال المرصودة له تتحول تدريجاً عنه، ثم الكشف عن أضراره وأخطاره في البدن والعقل، حتى صار تحريمه مطلباً اجتماعياً، يسعى إليه العاقلون.
وهذا هو المقصود بهذه الآية التي جاءت قبل آية التحريم القاطع، فالخمر والميسر فيهما إثم كبير ومنافع للناس، ولا ريب أن المنافع المقصودة هنا هي تلك الأرباح التجارية التي يجنيها عاصر الخمر ومعتصره، وهو من حيث الواقع ربح حقيقي مؤكد، ولكن القرآن لا يترك الأمر على عواهنه، بل يقرر فوراً أن الإثم الذي يصيبك من جراء ذلك أكبر بكثير من النفع المادي الذي يحصله الإنسان، إن على سبيل الفرد، أو على سبيل الجماعة.