ونص عبارة الحنفية: شرائط إحصان الرجم: الحرية والتكليف والإسلام والوطء بنكاح صحيح بصفة الإحصان(١٢٨٤)
وأخذت الشافعية بقول عبد الله بن عباس فقالوا: ليس الإسلام من شروط إحصان الرجم، في حد الذمي إذ ترافع إلينا، ولعموم قوله(: "الثيب بالثيب رمياً
بالحجارة"(١٢٨٥) واستدلوا بأن الأديان كلها تحرم الزنا، وأن رسول الله - ﷺ - أتى برجلين زانيين فرجمهما(١٢٨٦).
ويتلخص هنا بأن للأَمَة عادة أربعة أحوال:
١ - أمَةٌ كافرة غير متزوجة
٢ - أمَةٌ كافرة متزوجة
٣ - أمَةٌ مسلمة غير متزوجة
٤ - أمَةٌ مسلمة متزوجة
وقد اتفقوا على حد الأمة المسلمة المتزوجة، وقد علمت مذاهبهم في رجم الكافرات، فلم تبق إلا مسألة واحدة وهي الأمة المسلمة لم تتزوج.
ظاهر دلالة الآية أنه لا حد عليهن إذا لم يتزوجن، وذلك عند من ذهب أن ﴿أحصن﴾ معناها تزوجن، وعلى هذا القول سعيد بن جبير والحسن وقتادة وأبو الدرداء وابن عباس(١٢٨٧).
ولكن هؤلاء محجوجون بصريح ما ورد في الخبر الصحيح: عن أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما أن رسول الله - ﷺ - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: "إذا زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير"(١٢٨٨).
وفي رواية النسائي عن ابن عينية: سئل عن الأمة تزني قبل أن تحصن(١٢٨٩)
وحيث ثبت هذا النص في الصحيح وجب المصير إليه، وسبيل الجمع بين الآية والحديث متيسر، فالآية نص في حد الأمة المحصنة، والحديث نص في الأمة الغير محصنة، وفي كل فإن عليهن نصف ما على المحصنات من العذاب، وهو كما قال الزهري: المتزوجة محدودة بالقرآن، والمسلمة الغير متزوجة محدودة بالحديث(١٢٩٠).
قال القرطبي: والأمر عندنا أن الأمة إذا زنت وقد أحصنت مجلودة بكتاب الله، وإذا زنت ولم تحصن مجلودة بحديث النبي - ﷺ - ولا رجم عليها لأن الرجم لا يتنصف.(١٢٩١)